تعتبر كرة القدم نشاطا رياضيا واسع الانتشار في العالم ، إذ لم تعد مجرد ممارسة وهواية رياضية فقط بل أصبحت صناعة احترافية ربحية وظاهرة اجتماعية تعكس جوانب من سيكولوجية المجتمع ، وكما أنّ الأنشطة الرياضية قللت من وطأة وحدة الانغلاق الحاصل والقطيعة بين الدول ، ولكنها تُرى بشكل أوسع كظاهرة ترتبط بالسياسة والاقتصاد ولا سيما في واقعنا اليوم ، فكرة القدم كلعبة رياضية من المفترض أن تنفصل عن أيّ ارتباط سياسي، فالرياضة بكلّ أنشطتها ومجالاتها هي نشاط إنساني مشترك بين الأمم والمجتمعات لا تُحيز تحت قيد اعتبارات عرقية/إثنية أو قومية أو دينية إنما تعبّر عن ثقافة إنسانية تحمل ألوان التنوع والاختلاف الثقافي ، غير أنه ومع تقنين النشاطات الرياضية وخروجها من الإطار الثقافي والممارسة الشعبية كهواية إلى العالمية بأدوات العولمة، أصبحت لعبة كرة القدم جزءًا من الكيانات السياسية ، تمثّلها وتخضع لسيادتها. فنحن لا نعتبر الفريق الفلاني مثلًا على أنه مجموعة اللاعبين وكفى.. بل هو فريق وطني يمثل دولة .
على الرغم من أن الرياضة ، وبالذات كرة القدم تعد من أهم عناصر القوة الناعمة للدولة ، حيث تغرس صورة ذهنية قوية عنها خصوصاً في حالة فوزها ، إلا أنها أيضاً قد تكون مصدراً للخصام والصراع الذي قد يصل إلى حد الحرب الفعلية بين الدول، إلا أنه وفي المقابل هناك لاعبون أعلوا من المكانة العالمية لدولهم؛ مثل: بيليه (البرازيل)، وميسي (الأرجنتين)، ورونالدو (البرتغال)، وزيدان (فرنسا)، ومحمد صلاح (مصر)، وكانوا مصدراً مهماً من مصادر العملة الأجنبية لدولهم ، فقد كان لاعبو الكاميرون الدوليون مورداً لا ينضب للعملة الأجنبية ، وفي الوقت الذي تفخر فيه الفيفا (الاتحاد الدولي لكرة القدم) بالتطور الحديث لكرة القدم ، فإن تاريخ اللعبة لم يكن كله حباً وتعاوناً ، بل كان في مراحل معينة قيداً على الدولة وعقاباً يمارس عليها من جانب المجتمع الدولي حتى تلتزم بقواعده وتقاليده المتفق عليها، والحقيقة أن تاريخ كأس العالم لكرة القدم على سبيل المثال كان يعكس تلك العلاقة الشائكة بين السياسة والكرة إلى حد وجود رأيين متناقضين ، أحدهما يدعو للفصل بين السياسة والكرة تكريساً لمتعة المشاهدة والمتابعة ، بينما يؤكد الثاني استحالة الفصل بينهما ، من ثم ضرورة مضاعفة التداعيات الإيجابية واحتواء أية سلبيات.
إن مطلب فصل كرة القدم، والرياضة عموماً ، عن السياسة لا يبدو طرحاً معقولاً كون شعبية كرة القدم الجارفة تجعلها متداخلة في كل جوانب حياتنا ، من السياسة للإقتصاد إلى الفن، بشكل لم يعد يمكن عكسه ، والأهم هو أن كرة القدم أن تلعب دوراً إيجابياً في تسليط الضوء على حالات الظلم الإجتماعي والسياسي رغم أن البعض سيحاول أخذ هذه الدور إلى الجانب السلبي لكن مسؤولية مشجعي كرة القدم إبقاء هذا الدور إيجابي ، وقد يحصل العكس تماما فالجماهير هي صاحبة القرار النهائي في فصل التعقيد الحاصل بين السياسة والرياضة خصوصا في لعبة عن كرة القدم ؟