ينطوي الغزو البري المرتقب لقطاع غزة على مخاطرة كبيرة للجيش الإسرائيلي، إذ ينبغي عليه خوض القتال من منزل إلى منزل في الأحياء السكنية، خصوصا أن مساحة غزة لا تحتمل تحقيق أهداف إسرائيلية كبيرة هناك، كما أنه يحمل مخاطر هائلة على المدنيين.
فعلى سبيل المثال، في العدوان الإسرائيلي على غزة عام 2014، تكبدت كتائب المشاة الإسرائيلية خسائر فادحة في حي الشجاعية بسبب الألغام المضادة للدبابات والقناصة والكمائن، بينما استشهد عشرات المدنيين.
لذا، فإن استعداد كتائب القسام ومن ورائها فصائل المقاومة للهجوم الإسرائيلي سيعقد مهمة جيش الاحتلال الإسرائيلي ويجعل منها مهمة شبه مستحيلة، فهناك العبوات الناسفة ونصب الكمائن، وشبكة الأنفاق المخيفة الواسعة، وقذائف الدروع المتطورة التي أعلنت عنها المقاومة.
وفي مقابل وجود آلاف المقاتلين المدربين في كتائب القسام والمقاومة الذين يتمتعون بعقيدة قتالية عالية واستعداد كبير للشهادة، وهو ما أظهره هجوم “طوفان الأقصى”، فإن قوات المشاة الإسرائيلية التي ستنفذ الهجوم تصنف على أنها أضعف بكثير من قوات النخبة الإسرائيلية التي كانت في غلاف غزة، وفق المحلل العسكري في صحيفة “يديعوت أحرونوت” يوسي يهوشواع.
وستسمح الحرب البرية لقوات المقاومة -وفي مقدمتها كتائب القسام- بأن تقود زمام المبادرة، إذ سيفرض الهجوم البري بالضرورة القتال من مسافة صفرية وسيسمح بالمناورة وتطويق العدو من الخلف والهجوم عليه خروجا من أنفاق لا يعرف من أين ستفتح عليه أبوابها، كما يقول المفكر الفلسطيني منير شفيق في تقدير موقف عسكري نشر على مواقع التواصل الاجتماعي.
ويتابع تقدير الموقف أن الانتقال إلى القتال من مسافة صفر والإفادة من طبيعة مدن القطاع ومخيماته هما سمتان ستسمحان بترجيح تفوق المقاومة.
من جهته، يرى المحلل العسكري الإسرائيلي أمير بار شالوم أن إنقاذ هذا العدد الكبير من الأشخاص المحتجزين في مناطق مختلفة من غزة قد يكون أمرا خارج نطاق قدرات قوات الكوماندوز التابعة لوحدة النخبة الإسرائيلية.
في المقابل، يولي الرأي العام الإسرائيلي أهمية قصوى لمصيرهم، وهو أمر يضعف التحرك ضد غزة، إلا إذا عزم الاحتلال على تفعيل “بروتوكول هانيبال” والتضحية بهم مقابل استعادة هيبة الردع التي فقدها، إذ إن أمر استعادتهم يعني بالضرورة عقد صفقة مع حماس للإفراج عن الأسرى الفلسطينيين، بينما يبدو الاحتلال غير جاهز لمثل هذا.
في ظل هذه المعطيات، فإن هدف إسرائيل النهائي للحرب على غزة لا يزال مهمة مستحيلة، بينما يرى مراقبون عسكريون أن أي عملية عسكرية في غزة -في حدها الأدنى- ستكون “جولة سادسة”، ولكن أشد عنفًا من الخمس التي سبقتها، وأكثر إصرارا في استهدافها للقتل والإبادة للفلسطينيين، والبحث عن صورة اقتحام لغزة باحتلال أجزاء منها وتشديد الحصار عليها.
كما تطرح تساؤلات كبيرة لدى المحللين العسكريين في إسرائيل عن مدى نجاح العملية في إضعاف المقاومة في غزة.