وزير الصناعة يعوّل على كناش الكريدي لدعم المعوزين: هل هو حل عملي أم مجرد إجراء ترقيعي؟

هيئة التحرير5 مارس 2025آخر تحديث :
وزير الصناعة يعوّل على كناش الكريدي لدعم المعوزين: هل هو حل عملي أم مجرد إجراء ترقيعي؟

بدر شاشا

في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها العديد من المواطنين، تتزايد المطالب بتطوير أنظمة الدعم الاجتماعي لتكون أكثر عدالة وفعالية. وفي هذا السياق، خرج وزير الصناعة مؤخرًا بتصريح أثار جدلًا واسعًا، حيث أشار إلى إمكانية الاعتماد على “كناش الكريدي” كوسيلة لدعم الفئات الهشة. ولكن، هل يُعتبر هذا الإجراء حلاً عمليًا ومستدامًا؟ أم أنه مجرد محاولة مؤقتة لسد الفراغات التي تعاني منها منظومة الدعم الاجتماعي في البلاد؟

الدعم الاجتماعي بين الحاجة إلى التطوير وواقع الهشاشة

لطالما شكل الدعم الاجتماعي أحد أهم الأدوات التي تعتمد عليها الدول لضمان العيش الكريم للفئات الفقيرة والهشة. غير أن هذه البرامج تعاني في كثير من الأحيان من سوء الاستهداف، حيث يستفيد منها أحيانًا أشخاص لا يحتاجونها بالفعل، بينما يُحرم منها آخرون هم في أمسّ الحاجة إليها.

في هذا السياق، تبدو الحاجة إلى تطوير آليات الدعم الاجتماعي ضرورية لضمان وصول المساعدات إلى المستحقين الحقيقيين، بدلًا من ترك الباب مفتوحًا أمام الاستغلال أو التوزيع غير العادل. وهنا، تبرز عدة تساؤلات حول مدى فاعلية “كناش الكريدي” كوسيلة لتحديد الفئات المستهدفة، خاصة وأن هذا النظام تقليدي ولم يُصمم أصلًا لأغراض اجتماعية.

“كناش الكريدي”: نظام غير مجاني ولا يمكنه تعويض دعم الدولة

يُستخدم “كناش الكريدي” في الأوساط الشعبية كطريقة لتسجيل ديون الزبائن لدى أصحاب المحلات التجارية، وهو بمثابة حل مؤقت للأسر التي تعاني من ضيق مادي، حيث يتيح لها شراء حاجياتها بالدَّين حتى يتوفر لديها المال لتسديده لاحقًا. لكن هذا النظام، ورغم انتشاره الكبير في الأحياء الشعبية والمناطق الريفية، ليس مجانيًا، إذ يعتمد على ثقة شخصية بين البائع والمشتري، وغالبًا ما يكون هناك هامش مخاطرة قد يؤدي إلى مشكلات مالية أو اجتماعية في حال عدم القدرة على السداد.

إذا كان الوزير يقصد أن “كناش الكريدي” يمكن أن يكون أداة لرصد الأسر التي تعاني من العجز المالي، فهذا يطرح إشكالات تتعلق بالخصوصية والدقة، حيث لا يمكن أن يكون هذا المعيار وحده كافيًا لتحديد المستفيدين من الدعم. كما أن أصحاب المحلات التجارية ليسوا مؤهلين للقيام بدور الدولة في توزيع المساعدات الاجتماعية أو تحديد الفئات الفقيرة بطريقة علمية ومنصفة.

ما الحلول البديلة لتطوير الدعم الاجتماعي؟

بدلًا من اللجوء إلى حلول غير مدروسة مثل “كناش الكريدي”، تحتاج الدولة إلى تبني سياسات أكثر استدامة وشمولية لضمان وصول الدعم الاجتماعي إلى مستحقيه الحقيقيين. ومن بين الحلول التي يمكن أن تساعد في تحقيق هذا الهدف:
. اعتماد نظام رقمي شفاف: تطوير منصة إلكترونية لتسجيل الفئات الهشة بناءً على معايير واضحة مثل الدخل، عدد أفراد الأسرة، والوضع الصحي.
. إصلاح نظام الاستهداف: تحسين طرق تحديد المستفيدين عبر الاستعانة ببيانات موثوقة بدلًا من الاعتماد على معايير غير رسمية.
. تعزيز المراقبة والتتبع: مراقبة توزيع الدعم بطرق حديثة مثل استخدام بطاقات الدعم بدلًا من المساعدات النقدية التي قد تُستخدم بشكل غير رشيد.
. إشراك المجتمع المدني: التعاون مع الجمعيات المحلية لمتابعة أوضاع الأسر المعوزة وتقديم تقارير دقيقة للدولة حول الاحتياجات الفعلية للسكان.

الاعتماد على “كناش الكريدي” كآلية لدعم الفقراء يعكس غياب رؤية واضحة لإصلاح نظام الدعم الاجتماعي في البلاد. فبدلًا من البحث عن حلول ترقيعية، يجب العمل على تطوير سياسات تستند إلى معطيات دقيقة وتكنولوجيا حديثة لضمان العدالة والشفافية في توزيع المساعدات. فالدولة مسؤولة عن حماية الفئات الهشة، ولا يمكنها أن تتخلى عن هذا الدور لصالح حلول غير منظمة قد تؤدي إلى مزيد من الفوضى والتفاوتات الاجتماعية.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة