بعيدا عن أجواء الدوغمائية و البدوقراطية، يشرفني ان أساهم في إماطة اللثام وفتح نقاش إيجابي حول أول تجربة حزبية خاصة في الصحراء : حزب الاتحاد الوطني الصحراوي(Partido de Unión Nacional Saharaui ) المعروف بحزب البونس (PUNS) ، الحزب الذي أرادت إسبانيا جعله أداة لتصفية الاستعمار لتؤمن مصالحها بالإقليم في محاولة لمحاكات النموذج الفرنسي لحظة خروجه من بعض مستعمراته، في حين رأى صحراويون هذا الحزب ضمانة لانتقال ديمقراطي وحل سياسي يجنب المنطقة ويلات الحرب والفراغ السياسي.
نجحت جبهة اليوليساريو في تغييب الحزب عن الساحة السياسية الا أنه حاضر في عدة وثائق للامم المتحدة تعد مرجعا في النزاع القائم، ولعل أبرز هذه الوثائق تقرير بعثة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق التي زارت الاقليم سنة 1975 والمعروفة محليا بلجنة “ساموناكي” حيث أعطت صورة للحزب ولما عاشه في تلك الفترة الدقيقة، ومصدرا محيادا لنا لقرائه أعمق للأحداث.
تعرض الحزب منذ تأسيسه لضغوط وتحديات داخلية وخارجية كبيرة كادت ان تعصف به، حيث كان الحزب الحركة السياسية الوحيدة المعترف بها في الاقليم، يضم فئات متنوعة من ساكنة الاقليم التي تم احصائها سنة 1974.، كما أشارت البعثة الأممية الى أن معظم أعضاء اللجنة الدائمة لمؤسسة الجماعة الصحراوية عرفوا أنفسهم الى البعثة على أنهم اعضاء في الحزب.
التزم الحزب بحرية النشاط السياسي و مبدأ العلاقات السليمة مع الحركات السياسية الأخرى، الا أن جبهة البوليساريو اعتبرته عدوا و يخدم بقاء الاستعمار، وهو الأمر الذي كذبته لجنة تقصي الحقائق للامم المتحدة التي أكدت في تقريرها انه يعارض استمرار الحكم الاسباني .
ترأس الحزب السيد خليهن ولد الرشيد وبعد خمسة أشهر من تأسيسه “أعيد تنظيم الحزب برئاسة الديه سيدينا النوشة ، ولجنة تنفيذية من ستة أعضاء برئاسة السيد محمد لمين ولد حرمة الله الذين انتخبوا رسميا في المؤتمر الثاني للحزب الذي عقد بالعيون في الفترة بين 16-18 غشت 1975″، ووثقت بعثة الأمم المتحدة هذه التشكيلة الجديدة للحزب في الفقرة 214 من التقرير . وفي هذا السياق عممت اللجنة الرابعة الخاصة بتصفية الاستعمار رسالة من رئيس حزب الاتحاد الوطني الصحراوي السيد الديه سيدينا النوشة، يبلغ بمخرجات المؤتمر الثاني وذلك في 21 أكتوبر 1975.
بعد توقيع اتفاقية مدريد و اندلاع الحرب جمد الحزب نشاطه، وذلك بعدما قاد جهودا لحل سياسي يجنب المنطقة الحرب.
وفي غياب حزب خاص بالصحراويين أعلنت الامم المتحدة خلال اجتماع الجمعية العامة سنة 1979 أن الممثل الشرعي والوحيد للشعب الصحراوي هو البوليساريو ، وهو الغياب الذي انتبه له خليهن ولد الرشيد، ووجه رسالة في المقابل الى الامم المتحدة في 2 أكتوبر 1980 بصفته رئيسا لحزب البونس، لما للحزب من مرجعية في النزاع ، واستمر تداول اسم الحزب في ثمانينات القرن الماضي في عدة دورات للجنة الرابعة بالأمم المتحدة.
لم يعقد أي نشاط للحزب أو مؤتمر لحل الحزب كما لم تصدر أي مذكرة بحله من طرف السلطات . و ظل الديه سيدينا النوشة بعيدا عن الأضواء، قليل الكلام، وكان اخر ظهور له في ثمانينات القرن الماضي، إبان انطلاق المفاوضات الأولى بين المغرب وجبهة البوليساريو حيث قدم تصريحا لجريدة الباييس بصفته رئيسا للحزب.
ليبقى السؤال المطروح هل انتهى حزب الاتحاد الوطني الصحراوي؟
يتبع
كاتب المقال :
الشيخ المامي أحمد بازيد
رئيس المنتدى المدني للحوار