قديما وبالظبط في عهد الخلفة الثاني لرسول الله عليه أفضل الصلاة والتسليم ؛ الفاروق عمربن الخطاب .. يكتب الى عمرو بن العاص رضي الله عنهما وكان عامله على مصر ” .. أما بعد فإنه بلغني أنك فشت لك فاشية من خيل وإبل وغنم وبقر وعبيد ؛ وعهدي بك قبل ذلك لامال لك ؛ فأكتب إلي من أين أصل هذا المال ؛ ولاتخفي عني شيئا .”
فكان عمر بن الخطاب هو من أسس لإجراء ” من أين لك هذا ” وذلك حرصا منه على حقوق المسلمين والتصدي للثراء الغير مشروع وبدون وجه حق ؛ ولعل هذا الإجراء الذي تبنته مجموعة من دول العالم قديما وحديثا لاسيما المغرب جاء مبررا واضحا للوقوف ضد من يكتنز الذهب والفضة بدون وجه حق ولا حتى أدنى سبب يبيح له ذلك ؛ فلا ريب أن هذا الإجراء الذي أصبح متداولا بشكل شبه يومي خصوصا في الحقل الإعلامي والذي فرضته الظرفية الحالية من تحولات ما فتئت تعرفها المملكة ؛ سياسية ؛ إقتصادية وإجتماعية والتي سيكون لها وقع إيجابي لامحال في وضع حد ل :
+ الفساد المستشري في مؤسسات الدولة من محسوبية وزبونية
+ سيطرة أصحاب النفوذ والمال على مفاصل الدولة وخلق نوع من اللا إستقرار ضحيته الأولى المواطن الذي لا حول له ولا قوة .
+ جرائم الفساد وحالات الإختلاس المالي
+ ضعف مردودية مرافق الدولة بسبب إستفحال الرشوة في الحصول على خدمات عمومية وتقلد المناصب الإدارية والسياسية
+ نهب خيرات البلاد بدون وجه حق ..
إن العديد من بلدان العالم وعملا بإجراء من أين لك هذا يتم الإقرار بالذمة المالية لكبار المسؤولين بين يدي هيئة مختصة يسندها قانون لمكافحة الثراء غير المشروع وتكون مسؤولة عن الافصاح والكشف الشفاف ومن لايخضع لذلك فليس له ذمة ؛ وبموجب ذلك يفصح المسؤول عن حجم ثروته ومصدرها قبل أن يلي العمل ويتابع بعد ذلك لئلا يثري على حساب الضعفاء ؛ أو يشغل منصبه في تمرير العقود والحصول على الرشاوي ؛ أو عقد الصفقات الوهمية أو تجييرها لمؤسسات تعود إليه .
وعلى سبيل الختام فإن الدولة ولمكافحة الفساد لابد لها من تطبيق هذا الإجراء ” من أين لك هذا ” على النحو المطلوب وبالشكل الصحيح لوضع حد لماض وحاضر متضخم بالفساد وكذا ضمان حماية المال العام وتعزيز حصانته ؛ بل إنه يحمل الموظف والعامل والمسؤول … إلى النزاهة في حسن تسيير وتدبير عمله ؛ وهو الشأن الأول والدليل الثابت على من تنامت ثرواتهم بطرق غير مشروعة من جهة ؛ وبما يجعل إيقافهم وإسترداد مانهبوه أيسر وأسهل .
بقلم : محمد الصغير