بقلم : صلاح الدين الدكالي
شهدت العلاقات المغربية الإسرائيلية زخما هاما من التعاون والتطور، خاصة مع الاتفاقيات الموقعة والتبادل التجاري بينهم، بشكل رسمي منذ الاتفاق الثلاثي الموقع في سنة 2020 بين كل من المملكة المغربية والولايات المتحدة الأمريكية ودولة إسرائيل، ومنذ ذلك الحين سارت العلاقات بين هذه البلدان بشكل لافت، غير أن هذه العلاقة لتكتمل أركانها الدبلوماسية حسب الاتفاق الموقع، كانت بحاجة إلى خطوات جادة من جانب إسرائيل بخصوص قضية الصحراء المغربية، وهو ما وقع فعلا باعترافها بمغربية الصحراء بتاريخ 17 من شهر يوليوز لسنة 2023، وذلك إثر رسالة من رئيس الوزراء لدولة إسرائيل السيد بنيامين نتنياهو إلى صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، وجذير بالذكر بأن السيد بنيامين نتنياهو كان من بين الموقعين على إتفاقيات أبرهام للسلام في عهد الرئيس دونالد ترامب الذي ينتمي للحزب الجمهوري، وهذا القرار يشكل خطوة هامة نحو دفع مسار السلام بالمنطقة .
المملكة المغربية نهجت منذ سنوات عديدة تحت قيادة جلالة الملك محمد السادس أيده الله، دبلوماسية متوازنة دوليا، لا تنحاز لطرف على الأخر، بل وسعت من علاقاتها لتنفتح على قوى دولية أخرى في الشرق والغرب، كالصين وروسيا وجنوب أفريقيا…) ولم تكن دولة إسرائيل ببعيدة عن هذه السياسة الجديدة، رغم أن العلاقات بين البلدين كانت قائمة منذ عهد المغفور له الملك الحسن الثاني طيب الله ثراه، لتتوقف في سنة 2002، مع التطورات التي عرفتها المنطقة أنذاك، ومن نتائج هذا التوجه المتبصر، تنامي الدول المؤيدة لمبادرة الحكم الذاتي باعتبارها مبادرة ذات مصداقية، وثانيا تنامي الاعترافات الدولية بمغربية الصحراء من دول متعددة تكللت بفتح قنصليات وسفارات في الأقاليم الجنوبية للمملكة، على سبيل المثال الاعتراف الإماراتي والأمريكي والاسرائيلي…) وهذه الخطوات الدولية المتتالية تمثل حرجا بالنسبة للدول الأوروبية التي لازالت تنهج سياسة اللعب على اتجاهين، لكن اليوم ولاسيما مع هذا الاعتراف الاسرائيلي الهام لدولة إسرائيل وأيضا تباث الموقف الأمريكي حسب وزارة الخارجية الأمريكية، أصبحت الدول الأوروبية أمام الأمر الواقع .
بدون أدنى شك بأن هذا القرار السيادي لإسرائيل سيكون بمثابة رسالة واضحة للدول الأوروبية، مفادها الاختيار بين المملكة المغربية والجزائر، وبالطبع فالدول الأوروبية لن تنحاز للأطروحة الجزائرية، أولا باعتبار الجزائر حليف قريب جدا من الكرملين، وهذا يشكل خطرا على السياسة الخارجية للدول الأوروبية في المنطقة المغاربية وأيضا قاريا، وثانيا التقارب الجزائري الإيراني الذي يبرهن لنا بأن هذ النظام هو منحاز للأنظمة العسكرية الشمولية، ناهيك عن ماقامت به الجزائر من أجل شغل مقعد سوريا بالجامعة العربية، تمثل ذلك في الزيارات المتبادلة بينهم، ثالثا ستفقد شريك مهم في القارة، شريك قيادي افريقيا، وبذلك ستكون مصالحها في خطر خاصة في سياق التقارب المغربي الاسرائيلي والأمريكي،وبطبيعة الحال فالمغرب هو البوابة للقارة السمراء، أما الجزائر ليست قادرة على خلق التوازن في سياستها الخارجية، على سبيل المثال التوتر بينها وبين فرنسا، وكما قال مولانا أمير المؤمنين حفظه الله، فإن ملف الصحراء المغربية هو النظارة التي تنظر بها المملكة المغربية للعالم.