لاحظنا مؤخرا زخما كبيرا في معركة افتراضية سابقة لأوانها، عنوانها تغيير خارطة التمثيل الانتخابي في جهة العيون الساقية الحمراء.
من الجميل أن نشاهد مثل هذه الحركية الداعية إلى بث الحياة في المشهد السياسي في الجهة، لكن الأجمل هو أن يكون تفاعلنا معها ايجابيا كلٌ من موقعه، والتفاعل الايجابي هنا لا يعني بالضرورة تشجيع كل قول أو فعل أو حملة فقط لأنها تطالب بالتغيير، كما أنه من الغير المنطقي الدفاع عن من ينادون بقتل طموحها ووأده في مهده.
بل يجب أن يكون تفاعلنا عبر توضيح بعض المعطيات للحالمين بغد أفضل لمدنهم وأقاليمهم وجهتهم من جهة، وتقديم النصح والعتاب للمحتكرين الساعين لاحتكار أكبر التمثيل من جهة أخرى.
فعلى الحالمين بالتغيير أن يعوا بعض الحقائق:
أولا:
يجب أن يكون أي تغيير عقلانيا مبنيا على أسس ومعطيات قابلة للتطبيق على الأرض، فلا يجب أن ننساق وراء خطاب التغيير، بالدعوة إلى القطيعة مع مرحلة دامت أكثر من أربعة عقود، بشكل تام وفي لحظة إنتخابية واحدة وفريدة، لأن هذا شيء صعب التحقيق رغم أنه مشروع.
لكن في المقابل يمكن القطع مع الاحتكار التام والدخول إلى الساحة وفق الامكانيات المتوفرة والأساليب والمشروعة.
ثانيا:
يجب أن نعرف بعض الأمور التقنية حول القاسم الانتخابي التي قد تثير بعض اللبس، فنحن أمام شكلين من القاسم الانتخابي، الأول أقره القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب 4.21 في المادة 84 التي نصت على أنه:
” توزع المقاعد على اللوائح بواسطة قاسم انتخابي يستخرج عن طريق قسمة عدد الناخبين المسجلين في الدائرة الانتخابية المعنية على عدد المقاعد المخصصة لها. وتوزع المقاعد الباقية على أساس قاعدة أكبر البقايا. وذلك بتخصيصها للوائح التي تتوفر على أرقام قريبة من القاسم المذكور. ”
تقابلها المادة 92 من القانون التنظيمي 06.21 المتعلق بإنتخاب أعضاء بالجماعات الترابية:
” توزع المقاعد على اللوائح بواسطة قاسم انتخابي يستخرج عن طريق قسمة عدد المصوتين في الدائرة الانتخابية المعنية على عدد المقاعد المخصصة لها. وتوزع المقاعد الباقية على أساس قاعدة أكبر البقايا. وذلك بتخصيصها للوائح التي تتوفر على أرقام قريبة من القاسم المذكور. ”
هناك فرق بين قاسم انتخابي على أساس المسجلين وأخر على أساس المصوتين، فالأول سيُعرف بمجرد حصر اللوائح النهائية للمصوتين، بينما الثاني سيتغير مع كل دائرة انتخابية، بالنظر لنسبة التصويت المسجلة بناءا على محاضر مكاتب التصويت.
ينضاف إلى ذلك الفقرة الأخيرة من المادتين والتي تتحدث عن تخصيص المقاعد المتبقية للوائح التي تتوفر على أرقام قريبة من القاسم المذكور، وهذه جزئية مهمة ولا يجب إغفالها، لأن المُشَرِع لا يقوم بالحشو أثناء الصياغة، فلكل جملة ولكل كلمة مدلولها، وصيغت ليتم توظيفها وليس العكس.
لذلك يجب على المعولين على القوانين الجديدة أن يعيدو النظر في حساباتهم، وأن يضبطوا نسق توقعاتهم حتى لا نقع في المحظور، لأن الرفع من سقف التوقعات فوق الممكن، يشكل صدمة للحالمين تعيدهم سنوات إلى الوراء في حالة كانت النتيجة سلبية،
لذلك من مصلحتنا جميعا أن يحقق الحالمون بالتغيير طموحاتهم المشروعة، ويخوضوا التجربة دون أثار عكسية، ولن يتأتى ذلك دون نبذ ثقافتي الاقصاء والاحتكار واستبدالهما بثقافة المشاركة المعقلنة.
أما فيما يخص الساعين لإحتكار أكبر التمثيل فعليهم أن يعوا:
أولا:
أن التغيير حتمية كونية، وهو نوعان إما تغيير سلسل وهو ما نسعى له جميعا بدون أثار عكسية، وإما تغيير قسري عادة ما تكون أثاره سلبية على الجميع، لكن هم سيكنون أكبر الخاسرين بدون أدنى شك.
ثانيا:
هناك شيء اسمه التصويت العقابي أو الانتقامي. هذا النوع من التصويت عادة ما تقوم به فئات لم تعتد التصويت ، وليست من الفئات التي يؤطرها المحتكرون، ولا تدخل ضمن دائرة حساباتهم، لأن تصويت هذه الفئات سيرفع من نسب المشاركة، وبالتالي سيكون القاسم الانتخابي للجماعات الترابية غير بعيد من شقيقه المتعلق بمجلس النواب ، خصوصا إذا ما وصلنا إلى نسب تفوق 80% من المصوتين.
لذلك هناك احتمال هزات وهزات ارتدادية قد لا تصل جميع المواقع، لكن حاضرة بكل تأكيد في مواقع مختلفة.
والمحصلة أنه يستحيل اقتلاع ترسبات أكثر من أربعين سنة، لكن في المقابل يستحيل إقصاء طموح الحالمين بغد أفضل من المشاركة في هذه الفترة المفصلية.
والحل الأمثل في نظرنا هو نبذ جشع الاقصاء من أي طرف
كان وتشجيع المشاركة العقلانية، ولا يفوتنا أن ننبه إلى نبذ كل قول أو فعل أو حملة تتعارض مع قيمنا المجتمعية تماما كما أسلفنا في مقال سابق فديمقراطية البيظان لا تستقيم ونقض السفهاء.
مع متمنياتي للجميع بحظ موفق
بداد محمد سالم