الخطاط ينجا في بوجدور.. قراءة في رسائل سياسية خلف حفل زفاف

هيئة التحريرمنذ 6 ساعاتآخر تحديث :
الخطاط ينجا في بوجدور.. قراءة في رسائل سياسية خلف حفل زفاف

حين حضر رئيس جهة الداخلة وادي الذهب، الخطاط ينجا، رفقة وفد من أعيان وسكان الجهة، لحفل زفاف أحد شيوخ قبيلة أولاد تدرارين ببوجدور، بدا وكأنه يخط رسالة سياسية بأحرف اجتماعية. فالسياسي الذي يعرف أن كل خطوة محسوبة، جعل من المناسبة العائلية حدثاً محملاً بالدلالات.

رسالة 1: السياسة في الصحراء لا تُدار من المكاتب فقط، بل من الخيام أيضاً. حضور الخطاط إلى بوجدور يعكس إدراكه أن القبيلة ما تزال وسيطاً ضرورياً لفهم المجتمع، وأن الوجاهة الاجتماعية تُترجم في النهاية إلى رصيد سياسي.

رسالة 2: لم يذهب الرجل منفرداً، بل بوفد من أبناء الداخلة. وهذا ليس تفصيلاً عابراً. فالوفد هنا رمزية تقول: “إنها ليست زيارة شخصية بل حضور باسم الجهة”، وكأن الخطاط أراد أن يضع نفسه في موقع الممثل لجماعة لا لفرد.

رسالة 3: حضور رئيس جهة الداخلة في بوجدور هو تذكير بأن السياسة لا تقف عند حدود النفوذ الإداري. إنه إعلان غير مباشر أن الجنوب مترابط، وأن الجغرافيا القبلية قد تتجاوز الجغرافيا الترابية.

رسالة 4: في زمن الحسابات الانتخابية المبكرة، يُدرك الخطاط أن بناء تحالفات عابرة للمدن والقبائل سيكون ضرورياً. ومصافحة شيوخ أولاد تدرارين قد تكون مقدمة لتفاهمات مستقبلية، حيث يبدأ مشروع السياسة أحياناً من كلمة تهنئة.

رسالة 5: الخطاط، بذكائه السياسي، يعرف كيف يوازن بين الشرعيات. شرعية الصندوق تمنحه المنصب، لكن شرعية القبيلة تمنحه الاستمرارية. الجمع بينهما ليس ترفاً، بل شرطاً للبقاء في مشهد متحرك ومعقد.

رسالة 6: قد يظن البعض أن حضوره كان مجاملة، لكنه في العمق أشبه بعملية استثمار سياسي طويل المدى. فالتحالفات في الصحراء تُزرع في مثل هذه المناسبات، وتُقطف ثمارها عند صناديق الاقتراع.

في النهاية، ما فعله الخطاط في بوجدور هو نوع من السياسة “الناعمة”، التي تمشي على خط رفيع بين العرف والمؤسسة. مداعبته للقبيلة لم تكن لغواً اجتماعياً، بل جزءاً من معادلة أوسع: أن تكون حاضراً حيث تُصنع الشرعية، وأن تحوّل كل لحظة اجتماعية إلى فرصة سياسية.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة