في لحظة تتقاطع فيها الدبلوماسية الثقافية مع الدينامية الاقتصادية، وجّه عمدة مدينة مونبلييه الفرنسية، ميكائيل دولافوس، دعوة صريحة للفاعلين الاقتصاديين ببلاده من أجل التوجه نحو المغرب باعتباره أرضًا خصبة للاستثمار وفرصًا واعدة للتعاون المشترك.
خلال المنتدى الاقتصادي المنعقد بمونبلييه، على هامش افتتاح مهرجان أرابيسك الذي يحتفي هذه السنة بالمغرب كضيف شرف، شدد دولافوس على أن “المغرب يعيش ورشًا تنمويًا غير مسبوق، يتعين على الشركاء الفرنسيين مواكبته بدل الاكتفاء بالمراقبة عن بعد”. وخصّ بالذكر مجالات الطاقة المتجددة، الصحة، إزالة الكربون، والنقل باعتبارها رافعات اقتصادية لمستقبل الشراكة بين البلدين.
ولم يفت العمدة التوقف عند الأقاليم الجنوبية، وبالذات مدينة الداخلة، التي قال إنها أصبحت وجهة جاذبة للاستثمارات بفضل موقعها الاستراتيجي وإمكاناتها الطبيعية، مبرزًا أن العديد من الفاعلين من مونبلييه يبدون اهتمامًا متزايدًا بهذه الجهة المغربية.
من جانبه، أشار مدير ميناء “سيت” بجنوب فرنسا، أوليفييه كارميز، إلى ضرورة تعزيز الربط المينائي مع المغرب، مبرزًا أن الميناء لم يعد مجرد نقطة عبور لأزيد من 150 ألف مسافر سنويًا، بل تحول إلى منصة استراتيجية للاستيراد والتصدير، خصوصًا في قطاع السيارات.
أما نائب رئيس جهة أوكسيتاني، جليل بن عبد الله، فلفت الانتباه إلى أن “الدبلوماسية الترابية والتعاون اللامركزي” باتا يشكلان ركيزة أساسية في العلاقات المغربية-الفرنسية، مشيرًا إلى تأسيس “نادي المغرب-أوكسيتاني” كآلية لتسهيل تدفقات الأعمال والشراكات بين الجانبين.
هذا الحدث الاقتصادي لم يكن معزولًا عن الإطار الثقافي، بل جاء متكاملًا مع روح مهرجان أرابيسك، الذي يفتح نافذة على الثقافة العربية ويخصص في دورته الـ20 مساحة واسعة للفن المغربي، في إشارة رمزية إلى أن الاستثمار لا يقتصر على الاقتصاد وحده، بل يمتد ليشمل الجسور الثقافية والإنسانية.
إن دعوة مونبلييه لرجال الأعمال الفرنسيين نحو المغرب ليست سوى ترجمة لرؤية مشتركة ترى في شراكة رابح-رابح مدخلًا لمستقبل اقتصادي مستدام، حيث تتحول مدن مثل الداخلة والرباط والدار البيضاء إلى بوابات نحو إفريقيا والعالم.