أكد سفير المملكة بفرنسا، محمد بنشعبون، يوم الثلاثاء، أن المغرب وفرنسا مدعوان إلى الحفاظ على علاقتهما الكثيفة وتثمينها في مواجهة التحديات الجديدة.
وقال بنشعبون، خلال النسخة الثامنة من “عشاء الصداقة الفرنسية-المغربية” المنعقد بمانت-لا-فيل بضواحي باريس، بمبادرة من جمعية منتخبي يفلين وأصدقاء المغرب، إن “فرنسا والمغرب يتمتعان بعلاقة كثيفة، تستمد قوتها ومرونتها من الصداقة العميقة والمصالح المتقاربة التي يجب علينا معا الحفاظ عليها، وتثمينها لمواجهة التحديات الجسيمة التي تواجه هذا العالم الجديد”.
وألمح بنشعبون في سياق حديثه أن الرباط وباريس إلى ما تعرفه علاقتهما الدبلوماسية من برود يقترب من حافة التوتر، داعيا إلى صون علاقتهما الثنائية الوثيقة سياسيا واقتصاديا والنأي بها بعيدا عن رياح السياسية الهوجاء.
السفير أضاف أن هذه التحديات “تخلق بين شعبينا مطلبا للتعاون وتسائل الشراكة الاستراتيجية بين المغرب وفرنسا، المدعوة إلى أن تتجدد باستمرار”.
في هذا السياق، أشار إلى أن المغرب وفرنسا لديهما تقارب في وجهات النظر حول القضايا الدولية والإقليمية الرئيسية، مسجلا “أن شراكتنا الاستثنائية تعزز الاستراتيجية الأورو-متوسطية والأورو-إفريقية لمواجهة العديد من التحديات الإقليمية والثنائية”.
وأكد أن المغرب “بصفته جسرا بين إفريقيا وأوروبا، وملتقى للحضارات، وبلد عبور، يعمل بروح المسؤولية والتشاور على تذليل العقبات التي تولدها ظاهرة الهجرة”. مشيرا إلى أن التزام المملكة بالسلام والاستقرار في العالم هو التزام دائم، مؤكدا أن المغرب يتمسك بشدة بالتعددية والعمل المشترك في المنظمات الدولية والإقليمية.
وبخصوص الصحراء المغربية، قال الدبلوماسي إن “التطورات المهمة التي لا رجعة فيها، التي شهدناها بشأن هذه القضية، هي حاسمة لمستقبل منطقتنا واستقرارها وأمنها”.
وأكد أن “الدعم المتزايد والواضح لمبادرة الحكم الذاتي المغربية المطروحة على طاولة الأمم المتحدة منذ العام 2007، باعتبارها الحل الوحيد لهذا النزاع الإقليمي، يندرج في إطار ديناميكية قوية لحل هذا النزاع المفتعل”، مضيفا أنه بفضل هذا الدعم الواضح، فإن الزخم التي تعرفه الفضية الوطنية “يجب ويمكن تعجيله”. مضيفا أن برنامج الاستثمار الاستثنائي الذي أطلقته المملكة يجعل أقاليمها الجنوبية قطبا حقيقيا للاستثمار والنمو والتنمية البشرية، مشيرا إلى أن جهود التنمية تعزز الاستقرار الإقليمي وتعزز الروابط الاستراتيجية بين أوروبا وإفريقيا.
وعلى الصعيد الاقتصادي، أشار الدبلوماسي المغربي إلى وجود إمكانات هائلة يجب استكشافها، مسجلا أن هذا الأمر يسمح بتكثيف التعاون في هذا المجال، لاسيما حول الانعكاسات الناجمة عن التحولات الرقمية والبيئية.
وتحقيقا لهذه الغاية، أشار إلى أن فرنسا، نظرا لقربها التاريخي والاقتصادي والثقافي، لديها مؤهلات كبيرة للمساهمة في المشاريع المهيكلة، مضيفا أنه ينبغي تبني مقاربة جديدة تقوم على تقاسم القيم. مسجلا في الآن ذاته ”إعادة تنظيم سلاسل القيم الدولية، ومتطلبات مكافحة تغير المناخ وآثاره على الهجرة، والتطورات السياسية لمواقف العديد من الدول مثل الولايات المتحدة وألمانيا وإسبانيا حول قضية الصحراء، مكنت المغرب من تقصير سلاسل القيمة وجعل الخدمات اللوجستية رافعة للتنمية”.
من جهته، أشار الفرنسي- المغربي، لحبيب الداودي، مدير نشر جريدة (لا غازيت دي لا ديفانس) و(لا غازيت سانت كوينتين) ومؤسس إذاعة (إل إف إم)، المشارك في تنظيم هذا اللقاء، إلى أن المغرب وفرنسا “دولتان لا توازي علاقاتهما المكثفة سوى طول عمرها”. مؤكدا “من المهم أكثر من أي وقت مضى بالنسبة لنا أن نتذكر عظمة روابطنا”.
من جانبه، قال بيير بيدير، رئيس مجلس مقاطعة إيفلين، إن هذا الحدث الذي يشكل تجسيدا للصداقة بين المغرب وفرنسا، هو أيضا تعبير عن التسامح السائد بين البلدين، وأن “هذه العلاقة الودية بين فرنسا والمغرب هي علاقة استثنائية، ونحن بحاجة إلى هذه العلاقة الفرنسية المغربية هناك وهنا، لأن كل ما هو وطني ودولي مرتبطان ارتباطا وثيقا”.
بدوره، أشار نائب مانت-لا-فيل، جان لويس أمات، إلى أن هذا الحدث يمثل لحظة مهمة لتعزيز العلاقات التي توحد فرنسا والمملكة، قائلا إن “المغرب بلد استقرار وأمن، وهو أمر مهم لرجال الأعمال والمقاولين”، مذكرا بأن الفرنسيين يمثلون 33 في المائة من السياح الذين يزورون المغرب.