بدر شاشا
ارتفاع مستوى المعيشة وأسعار الخضر والفواكه والمواد الغذائية هو نتيجة سلسلة معقدة تمر عبر عدة مراحل تبدأ من الفلاح وتنتهي عند المستهلك. هذه العملية تمر عبر عدة وسطاء، وكل منهم يضيف تكلفة معينة على السعر الأصلي للمنتجات. لنبدأ من البداية لتوضيح هذا الأمر بالتفصيل.
الفلاح، الذي يمتلك أرضًا زراعية، يواجه العديد من التكاليف الضرورية لإنتاج المحصول. أولاً، يحتاج إلى الماء لسقي الأرض، وهذا قد يكون مكلفًا للغاية في ظل الظروف المناخية الحالية والندرة المتزايدة للمياه. إلى جانب الماء، هناك تكاليف أخرى مثل شراء الزريعة التي يحتاجها لزراعة المحصول، والأدوية الزراعية لحمايته من الآفات والأمراض. بالإضافة إلى ذلك، الفلاح يحتاج إلى خدامة لمساعدته في الزراعة والعناية بالمحاصيل، ويجب أيضًا توفير المازوط للآلات الزراعية التي يستخدمها. وإذا كانت الأرض بحاجة إلى حراسة، فالفلاح يحتاج إلى دفع أجرة العساس.
بعد كل هذه المصاريف، يقوم الفلاح بالزراعة والعناية بالمحاصيل حتى يأتي وقت الحصاد. وعند الحصاد، يجد الفلاح نفسه أمام تحدي بيع المحصول. يأتي الخضار الكبير، وهو الوسيط الأول، ويعرض على الفلاح شراء المحصول بسعر 2 دراهم للكيلوغرام. وهنا يجب أن نتوقف للحظة ونتخيل كمية المصاريف التي تكبدها الفلاح طوال فترة الزراعة. إذا باع المحصول بهذا السعر، فغالبًا لن يغطي حتى مصاريفه الأساسية، ناهيك عن الأرباح.
لكن العملية لا تتوقف هنا. هذا الخضار الكبير يقوم بجمع المحصول ويعين عساسًا وصندوقًا وخدامة، ثم ينقل المحصول إلى الأسواق الكبيرة في مدن مثل الرباط أو القنيطرة أو الدار البيضاء. في هذه المدن، يبيع المحصول بسعر 3.5 دراهم أو أكثر للكيلوغرام، حيث ينتقل المحصول إلى وسيط آخر. هذا الوسيط يشتريه بـ 4.5 دراهم، ثم يبيعه إلى بائع آخر بسعر 6 دراهم. تستمر هذه السلسلة حتى يصل المحصول إلى المستهلك النهائي الذي يجده بسعر مرتفع قد يصل إلى 10 دراهم أو أكثر، في حين أن المستهلك يرغب في شراء الخضار أو الفواكه بسعر أقل، كأن يكون 3 دراهم للكيلوغرام.
السؤال الذي يطرحه العديد من الناس هو: لماذا يرتفع السعر بهذا الشكل؟ الإجابة تكمن في أن كل شخص في هذه السلسلة يضيف تكاليف النقل والتخزين والبيع، وكل منهم يسعى لتحقيق ربح. بالإضافة إلى ذلك، العمليات اللوجستية مثل النقل من منطقة زراعية إلى أخرى تحتاج إلى تكاليف إضافية من الوقود والأيدي العاملة، مما يزيد من سعر المنتج كلما مر من شخص إلى آخر.
الحل الممكن لهذه المشكلة هو تقليص عدد الوسطاء بين الفلاح والمستهلك. إذا تمكنا من ربط الفلاح مباشرة بالبائعين الذين يبيعون للمستهلك النهائي، فإن ذلك سيقلل من التكاليف الإضافية التي يتم إضافتها في كل مرحلة. على سبيل المثال، يمكن إنشاء أسواق مباشرة بين الفلاحين والبائعين المحليين الذين يقومون ببيع المنتجات للمواطنين بأسعار أقل. بهذا الشكل، يتم تخفيض الفجوة السعرية بين ما يبيعه الفلاح وما يدفعه المستهلك، وتصبح المنتجات الغذائية في متناول الجميع.
يبقى أن ندرك أن هذه السلسلة الطويلة من الوسطاء ليست سوى نتيجة لهيكل اقتصادي معقد يعتمد على توزيع الأرباح والمصاريف عبر عدة مراحل. تبسيط هذه السلسلة عبر تقليل عدد الوسطاء يمكن أن يكون خطوة إيجابية نحو خفض أسعار المواد الغذائية وتخفيف العبء عن المواطنين، وفي نفس الوقت، يمكن أن يكون عادلاً للفلاح الذي يعمل بجد لتوفير هذه المنتجات الضرورية للحياة.
لفهم الارتفاع في أسعار المواد الغذائية بشكل عملي، يجب تحليل الأرقام التي تتخلل مراحل رحلة المنتجات الغذائية، مثل الخضر والفواكه، من الفلاح إلى المستهلك.
في البداية، الفلاح يزرع الأرض ويتحمل العديد من المصاريف. على سبيل المثال فقط تفسير ليس معطيات حقيقية
تكلفة الماء لسقي المحصول: 1000 درهم مثلا
تكلفة الزريعة (البذور): 1500 درهم.
تكلفة الأدوية الزراعية لحماية المحاصيل: 2000 درهم.
أجور الخدامة طوال فترة الزراعة: 3000 * درهم.
المازوط لتشغيل الآلات الزراعية: 1500 درهم.
أجرة العساس: 1000 درهم.
إجمالي المصاريف التي يتحملها الفلاح يمكن أن تصل إلى حوالي 10,000 درهم. بعد موسم طويل من العمل والانتظار، يأتي وقت الحصاد.
هنا يظهر الخضار الكبير الذي يعرض شراء المحصول. لنفترض أن الفلاح ينتج 5000 كيلوغرام من الخضر. الخضار يعرض 2 دراهم للكيلوغرام، ما يعني أن الفلاح سيحصل على 10,000 درهم، وهو بالكاد يغطي مصاريفه، دون تحقيق ربح يُذكر.
لكن القصة لا تنتهي هنا. الخضار ينقل المحصول إلى الأسواق الكبيرة مثل الرباط أو القنيطرة أو الدار البيضاء. تكلفة النقل قد تكون 1000 درهم، بالإضافة إلى أجور العاملين ومصاريف التخزين التي قد تصل إلى 2000 درهم أخرى. بعد النقل، يقوم الخضار ببيع المحصول بسعر 3.5 دراهم للكيلوغرام. هذا يعني أن الخضار سيحصل على 17,500 درهم مقابل نفس المحصول، محققًا ربحًا إضافيًا.
ثم يأتي وسيط آخر يشتري المحصول بسعر 4.5 دراهم للكيلوغرام، ليبيعه بعد ذلك بسعر 6 دراهم للكيلوغرام. بهذا الشكل، السعر يتضاعف مع مرور المنتج من يد إلى أخرى.
يصل المحصول إلى المستهلك بسعر قد يصل إلى 10 دراهم للكيلوغرام، بينما الفلاح، الذي قام بكل الجهد، باعه بـ 2 دراهم فقط. المستهلك يشعر بالعبء، ويطالب بأسعار أقل، لكن سلسلة الوسطاء والتكاليف الإضافية التي تتخلل هذه العملية تجعل من المستحيل تقريبًا توفير المنتجات بأسعار معقولة.
الحل يمكن أن يكون في تقليص عدد الوسطاء والربط المباشر بين الفلاح والبائع النهائي، مما سيساهم في تخفيض السعر إلى مستوى أقرب لما دفعه الفلاح مقابل إنتاجه.