أثار دخول غينيا الاستوائية على خط « مشروع الغاز النيجيري » تساؤلات مهمة، بشأن التنافس بين الجزائر والمغرب على الخط الجديد، الذي يفترض أن يصل إلى أوروبا عبر أي من الجارتين.
عرف الملف الكثير من الغموض الفترة الماضية، في ظل عدم الإعلان عن صيغة نهائية أو فترة زمنية محددة، خاصة مع حديث الخبراء من الجزائر بأن بلادهم أتمت نحو 70 % من قاعدة المشروع داخل أراضيها، في حين أن التوترات مع النيجر تركت مساحة لاحتمالية عدم إتمام المشروع، الأمر ذاته بالنسبة للمغرب الذي يحتاج مشروعه لاتفاقيات عدة مع كل الدول التي سيمر عبرها، وتكلفة أعلى وترتيبات أمنية في منطقة متوترة.
مؤخرا وقعت غينيا الاستوائية اتفاقًا مع الحكومة النيجيرية يقضي بالموافقة على مشروع لخط أنابيب ينقل تدفقات الغاز إلى مصافيها.
وفق تصريحات وزير المناجم والهيدروكربونات الغيني أوبورو أوندو، يعد الاتفاق الأحدث في سباق غاز نيجيريا بمثابة « تعاون إقليمي » يضمن موثوقية الإمدادات لمنشآت غينيا الاستوائية، ويؤمن تدفقها لسنوات، وفق مجلة « أوفشور ».
لم يشر الاتفاق إلى الكثير من التفاصيل حول الخطوة، لكن بعض المرافق مستفيدة في غينيا الاستوائية منها، محطة جي إم إتش (GMH) التابعة لشركة إي جي إل إن جي (EG LNG)، والواقعة في منطقة بونتا يوروبا (Punta Europa) على جزيرة بيوكو.
وقبل استعدادها لاستقبال الغاز النيجيري، كانت المحطة -التي بدأ تشغيلها عام 2007- تعتمد على تدفقات غاز حقل ألبا البحري الذي تديره شركة ماراثون أويل (Marathon Oil) الأميركية، والذي شهد إنتاجه تراجعًا مؤخرًا رغم أهميته للدولة الأفريقية، وفق « منصة الطاقة ».
يثير المشروع من جهة أخرى تساؤلات هامة، لم تجب عليها البيانات المتداولة حول الاتفاق، خاصة إذا ما كان المشروع مرتبط بأي من المشروعين » الجزائري والمغربي »، أو أنه خطوة منفردة في محاولة للاستفادة من التنافس الحاصل بين الجارتين ، وصعوبة إنجاز أي من الاتفاقيتين بشكل نهائي.
فتور العلاقة بين الجزائر والنيجر
من ناحيته، قال أحمد طرطار الخبير الطاقي الجزائري، إن توقيع غينيا الاستوائية اتفاقا مع نيجيريا لا يمكن أن يؤثر على مشروع خط الغاز النيجيري، سواء عبر الجزائر، أو عبر المغرب. ولفت إلى أن غينيا الاستوائية لا تملك الأنابيب التي يمكن مدها إلى أوروبا.
وأضاف في حديثه مع « سبوتنيك »، أن فتور العلاقة بين الجزائر والنيجر مؤخرا، ربما أثر على سير الإجراءات في الوقت الراهن، بالإضافة للتلكؤ من طرف نيجيريا، في حين أن الجزائر استكملت 70% من المشروع، وفق قوله.
وأوضح أن الارتداد الحاصل من جانب النيجر، يأتي نتيجة بعث مشروع خط الغاز « النيجيري-المغربي »، الذي يمر عبر أكثر من 11 دولة، بتكلفة مرتفعة، وتحديات أمنية كبرى.
لمن الأفضلية؟
ويرى أن الخط الجزائري، كان الأقل تكلفة والأسرع من حيث عامل الوقت، لكن ما حدث في النيجر، واتفاقيات غينيا الاستوائية، توحي بإعادة إحياء خط الغاز مع المغرب، لكن المخطط يحتاج لسنوات طويلة وتكلفة أعلى.
وأشار إلى أن الجزائر يمكنها العودة مرة أخرى لإحياء المشروع مع نيجيريا، خلال الفترة المقبلة، خاصة بعد استكمال نحو 70 من قاعدة المشروع داخل أراضيها.
في الإطار قال الخبير الاقتصادي الجزائري، سليمان ناصر، إن اتفاق مد خطوط الغاز إلى مصافي غينيا الاستوائية من نيجيريا، لا يعني مده إلى أوروبا أو المغرب.
وأضاف في حديثه مع « سبوتنيك »، أن التوقيع الثنائي بين غينيا الاستوائية ونيجيريا، لا يؤثر على الاتفاق الموقع بين الجزائر ونيجيريا. وأشار إلى أن خط الغازعبر الجزائر، أقل تكلفة ويمر عبر دول أقل، ما منح فرصة أكبر للجزائر، وأفضلية من حيث التكلفة التي يبحث عن استردادها في أي مشروع.
وقالت مديرة المكتب الوطني للهيدروكاربورات والمعادن في المغرب خلال مؤتمر الاستثمار في طاقة أفريقيا في باريس الثلاثاء: « نعد أنفسنا لإصدار قرار الاستثمار النهائي في مطلع 2025 ».
وأوضحت: « نجحنا أيضا في الاتفاق مع أحد أضخم المشتغلين في مجال التجميع في أوروبا وسيشتري كل الغاز المصدَّر عبر خط أنابيب المغرب-أوروبا بمجرد توصيله بخط الأنابيب هذا ».
وفي تصريحات سابقة، قال وزير الطاقة والمناجم الجزائري، محمد عرقاب، إنه تم الاتفاق بين الجزائر ونيجيريا على استئناف مشروع أنبوب الغاز بين البلدين، الذي تعطل بسبب الاضطرابات السياسية الأخيرة في النيجر.
جاءت تصريحات الوزير في ختام القمة السابعة لمنتدى الدول المصدرة للغاز، حيث أفاد بأنه تم الاتفاق مع وزيري الطاقة في نيجيريا والنيجر على إعادة المشروع للطاولة مجددا.
ويربط مشروع أنبوب الغاز العابر للصحراء الدول الثلاث بطول إجمالي 4128 كيلومترا منها 1037 كيلومترا داخل الأراضي النيجيرية و841 كيلومترا في النيجر و2310 كيلومترات في الجزائر.
فيما يمتد الخط من نيجيريا إلى المغرب على امتداد 5600 كلم، عبر 11 دولة أفريقية، هي بنين وتوغو وغانا وكوت ديفوار وليبيريا وسيراليون، وغينيا وغينيا بيساو وغامبيا والسنغال وموريتانيا.
من الجانب المغربي، يقول الأكاديمي أوهادي سعيد، إن مشروع أنبوب الغاز لا يزال يعرف متابعة دقيقة حيث أعلن في وقت سابق، انطلاق عملية المسح البري على هامش اللقاء بين المكتب الوطني للهيدروكاربونات والمعادن المغربي
ومؤسسة النفط الوطنية النيجيرية.
يذكر أن اتفاقا ثلاثيا بين الجزائر ونيجيريا والنيجر، وقّع سنة 2009، لإتمام المشروع الذي تعطل لأسباب عديدة على رأسها تهديدات الجماعات الإرهابية، وهذا بعد توقيع مذكرة تفاهم بين البلدان الثلاثة سنة 2003، للتحضير للمشروع.
وفي مطلع العام 2024، أجرى العاهل المغربي الملك محمد السادس، مباحثات هاتفية مع الرئيس النيجيري بولا أحمد أديكونلي تينوبو، شملت مشروع خط أنبوب الغاز الأفريقي.
تناولت المباحثات « مشروع خط أنبوب الغاز الأفريقي-الأطلسي نيجيريا-المغرب »، وبحث الجانبان أيضا العلاقات الثنائية التي تشهد تطورات إيجابية خلال السنوات الماضية.