ما دمنا نتقاسم الانتساب لنفس القارة الإفريقية يهمنا ما يقع في تونس ، التي أصبح الشعب فيها يعاني عدم الاستقرار وما يحوم حوله من بؤس ، اثر انقلاب غريب مُعزز بمساندة خارجية لا زال الكتمان الشديد فارضاً عدم الدخول في تفاصيلها ، ليبقى مَن قفز للاستحواذ على جميع السُّلط متوِّجا نفسه ملكاً غير شرعيّ ، بطرق أقرب ما تكون عائدة للعصور الخوالي ، حيث الحاكم لا كلمة فوق كلمته ولا قرار بعد قراره ، الكل أمامه مجرَّد عبيد أو جواري ، قد يتصوَّر ذاك الرئيس العالم بالقانون الدستوري يضع مقامه ، انه أجبر من اتخذهم بين يديه ، وسائل التحرّك مستريحا بعيدا عن أي تشويش سياسي ، بضمان دخول المخابرات الفرنسية على الخط تحسباً لأي خسارة كالتي رافقتها من مدة غير قصيرة أخرها في دولة مالي ، حيث تسرَّبت روسيا لتلتفَّ من ناحية حول ليبيا ، ومِن أخرى الولوج لمرافقة الجزائر تنفيذاً لمخطط الوقوف لإفشال التواجد الأمريكي المراهن على بسط نفوذه على كامل القارة السمراء ، لكن وبلغة الواقع وجدت فرنسا نفسها أمام المشاركة في لعبة قد تلهيها عن ملفات مرتبطة آنيا وتاريخياً بها حفاظاً على هيبتها كدولة عٌظمى ، ملف أكرانيا وموقف روسيا من عدم التحاق الأخيرة بحلف الناتو تحت أي اعتبار ، وملف لبنان الجاعل الحل النهائي من الصعوبة بمكان خاصة وإيران عازمة مهما قدمت من ثمن الحفاظ عمَّا أسسته في جنوب تلك الدولة البعيدة ما تكون عن اجتياز محنتها ، بتدخل المملكة السعودية وما فرضته من شروط لن تتحقّق إلا بحرب شاملة قد تندلع في أي فترة لا تجد فرنسا أي مناص إلاّ الابتعاد عنها ، ابتعاداً مبنياً على أسس ما يغلي داخلها من تحوُّل جماهيري ، بارز لا محالة مع نتائج الانتخابات الرئاسية القادمة .
تونس مهما حارب رئيسها الحالي على كل الجبهات تبقى أكبر منه عازمة على استرجاع ما سبق وحققته ثورتها المباركة ، ولن ترضى ان يكون رئيسها السابق السيد المرزوقي لقمة سهلة يتلذذ بمضغها من تمسكن حتى تمكن مرتكبا الخطأ الفادح وقد نسى أن تونس لا شيء يوقفها الأ ما يرضيها ويحترم كرامتها ويوقر شعبها العظيم ويذوب في خدمتها الخدمة المطلوبة منه بعيدا عن أي تدخل أجنبي مهما كان مصدر انتسابه ، السيد المرزوقي سيظل ذاك المناضل النظيف كان مسؤولا منتخبا ، أو بعيداً عن أي سلطة بالانتخاب أيضا ، فقبل الانسحاب بهدوء لغاية وقوفه على ما جرى يجر تونس لضياع وقت مؤثر على نمائها إن توقَّف، بسبب عملية الرئيس الحالي المكلَّف من سواه كي يغامر بقيادتها والى الهاوية للأسف الشديد .
البرلمان لولا التدخل المفرط لقوى وُضعت رهن إشارة الانقلاب الغريب لاستطاع بزعامة كل مقوماته أن يتغلب على أي أسلوب قد يعطل أشغاله ، لكن السيد الغنوشي لم يضع في حسبانه أن رئيس الدولة المنتخب مثله يتحين الفرصة للانقضاض على ما جعله الأوحد في الميدان رئيسا لكل شيء وفق مَسعَى أعداء الاسلام وبالتالي أعداء العلمانية وضميرها الديمقراطية ، لخلق نظام جديد ينطلق من تونس يجعل من القوة الذاتية الدين الجديد مَن اعتنقه حقَّ له المشاركة للاستمرار تحت طائلة شروط معينة ، ومَن عارض سيكون مصيره غير محمود بالمرة ، مِن وراء ذلك “الماسونية” المُتحوّرة”،
التي كان من المفروض أن تُشيِّد أكبر معبد لها في العالم، فوق ارض دولة عربية مسلمة، لولا حصول ما حصل ليتأجل المشروع لتوقيتٍ مُعيَّن.