حماية الأطفال من الاستغلال في التسول: مسؤولية مجتمعية لضمان مستقبل آمن

هيئة التحرير14 فبراير 2025آخر تحديث :
حماية الأطفال من الاستغلال في التسول: مسؤولية مجتمعية لضمان مستقبل آمن

بدر شاشا

عقلية ولد، ولد، كثيرة هي سبب ضياع الأطفال في مستقبلهم وحياتهم، حيث يكون الآباء السبب في معاناتهم. يتزوج الرجل والمرأة، ثم يبدأ إنجاب الأطفال واحدًا تلو الآخر: ولد، ولد، ولد، بنت، ولد، ولد، دون التفكير في مستقبلهم أو كيفية تربيتهم.النتيجة تكون مشاكل زوجية وصراعات مستمرة، يرافقها الفقر والضغوط الحياتية، بينما الأطفال هم من يدفعون الثمن، فيعيشون الألم بسبب والديهم. لا يوجد شخص أصبح شمكار (مدمنًا) أو سارقًا دون سبب، بل إن السبب الحقيقي وراء ذلك هو الوالدان وعدم تحملهما للمسؤولية. وبالنسبة لحماية الأطفال من الاستغلال في التسول مسؤولية جماعية تتطلب تضافر جهود الدولة والمجتمع للقضاء على هذه الظاهرة التي تهدد مستقبل أجيال كاملة التسول ظاهرة معقدة تتداخل فيها عوامل اجتماعية واقتصادية وقانونية وتؤثر بشكل مباشر على حياة الأطفال الذين يجدون أنفسهم ضحايا للاستغلال في الشوارع والأسواق والإشارات الضوئية وأمام المساجد

الفقر من الأسباب الرئيسية التي تدفع العائلات إلى استغلال أطفالها في التسول فبسبب البطالة وتدني الدخل وغياب الدعم الاجتماعي تلجأ بعض الأسر إلى إرسال أطفالها للتسول بينما تتورط أخرى في شبكات إجرامية تدير هذه الظاهرة بشكل منظم وتتحكم في توزيع الأطفال في مناطق معينة وتجبرهم على جلب مبالغ محددة يوميًا تحت التهديد والعنف أحيانًا

ضعف الوعي والأمية من العوامل التي تساهم في استمرار استغلال الأطفال في التسول فكثير من الأسر لا تدرك خطورة هذه الممارسات ولا ترى فيها جريمة أو انتهاكًا لحقوق الطفل بل تعتبرها وسيلة مشروعة لكسب العيش في حين أن القانون المغربي يجرم استغلال الأطفال في التسول ويعاقب عليه بشدة إلا أن تطبيق هذه القوانين يواجه تحديات كثيرة تتعلق بصعوبة ضبط المتورطين وإثبات حالات الاستغلال

غياب الرقابة الأسرية يزيد من تفاقم المشكلة بعض الأطفال لا يملكون عائلات تدافع عنهم ويجدون أنفسهم في الشوارع دون حماية مما يجعلهم عرضة للاستغلال من قبل العصابات أو حتى بعض البالغين الذين يستخدمونهم كوسيلة لاستدرار عطف الناس هناك أيضًا أطفال يولدون في بيئة اجتماعية غير مستقرة كأبناء الأمهات العازبات أو الأطفال المتخلى عنهم والذين يجدون أنفسهم في وضعية هشاشة تدفعهم إلى الشارع

المغرب بذل جهودًا مهمة لمحاربة ظاهرة استغلال الأطفال في التسول من خلال وضع قوانين تحمي حقوق الطفل وتجرم تشغيل القاصرين واستغلالهم كما تم إطلاق حملات تحسيسية وبرامج اجتماعية لدعم الأسر الفقيرة وتوفير بدائل اقتصادية تمنعها من اللجوء إلى التسول لكن هذه الجهود تبقى غير كافية إذا لم تكن هناك مقاربة شاملة تشمل تعزيز الآليات الرقابية وتحسين ظروف العيش وتقديم حلول مستدامة لهذه الفئة الهشة

التصدي لهذه الظاهرة يتطلب مقاربة متعددة الأبعاد تبدأ بتوعية المجتمع بخطورة استغلال الأطفال في التسول وتعزيز العقوبات على المتورطين في هذه الجرائم كما يجب توفير حلول بديلة للعائلات الفقيرة من خلال دعمها اقتصاديًا وتوفير فرص عمل للآباء والأمهات حتى لا يكون الأطفال هم الضحية أيضًا يجب تعزيز دور مؤسسات الرعاية الاجتماعية والجمعيات المهتمة بحماية الطفولة لتوفير مأوى آمن للأطفال المشردين وضمان تعليمهم وإعادة إدماجهم في المجتمع

المدرسة يجب أن تكون خط الدفاع الأول ضد هذه الظاهرة من خلال تتبع حالات الأطفال المعرضين للخطر وتقديم الدعم النفسي والاجتماعي لهم بدل تركهم يواجهون مصيرًا مجهولًا في الشوارع يجب أيضًا تشديد المراقبة على شبكات التسول المنظمة والتي تستغل الأطفال بطرق غير إنسانية وذلك من خلال تعزيز دور الأجهزة الأمنية وتطبيق العقوبات بحزم ضد المتورطين

حماية الأطفال من الاستغلال في التسول مسؤولية الجميع المجتمع والدولة والمدرسة والمؤسسات الاجتماعية يجب أن تتضافر جهود الجميع لضمان أن يكون كل طفل في المغرب محميًا من هذه الظاهرة التي تهدد مستقبله وحياته التنمية الحقيقية لا تتحقق إلا بحماية الطفولة وضمان حقوقها في العيش الكريم والتعليم والرعاية.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة