بدر شاشا
شهدت إسبانيا مؤخرًا عاصفة قوية عُرفت بـ”عاصفة دانا”، التي خلفت وراءها أضرارًا واسعة النطاق، وأثارت تساؤلات حول قدرة الدول المجاورة، مثل المغرب، على التصدي لمثل هذه العواصف إذا وقعت في المستقبل. في ظل التغير المناخي، أصبحت مثل هذه الظواهر أكثر شيوعًا، مع ارتفاع احتمالات تعرض سواحل المغرب، وخاصة الأطلسية، لعواصف ضخمة في السنوات القادمة. فهل المغرب مستعد لهذه التحديات؟ وما هي المخاطر التي قد تواجهها السواحل المغربية؟
التغير المناخي وارتفاع شدة العواصف
التغيرات المناخية التي يشهدها العالم ساهمت بشكل مباشر في زيادة شدة العواصف في مناطق عديدة حول العالم، بما في ذلك حوض البحر الأبيض المتوسط. مع ارتفاع درجات الحرارة العالمية، تزداد كمية الطاقة المخزنة في المحيطات، مما يجعل العواصف أكثر قوة وشدة. ويعني ذلك أن المناطق الساحلية، كالمغرب، قد تكون في المستقبل عرضة لعواصف قوية قادرة على إحداث أضرار كبيرة، مثل فيضانات، وتآكل في السواحل، وموجات عالية قد تصل إلى المناطق السكنية.
ارتفاع مستوى سطح البحر وزحف البحار نحو اليابسة
مع ارتفاع درجات حرارة الأرض، تزداد معدلات ذوبان الجليد القطبي، مما يؤدي إلى ارتفاع تدريجي في مستوى سطح البحر. هذا الارتفاع يُعد من أخطر تداعيات التغير المناخي على السواحل المغربية، حيث يمكن أن يتسبب في زحف البحر نحو اليابسة، مما يهدد البنية التحتية للسواحل والمناطق القريبة من البحر. ويؤدي هذا الزحف إلى تآكل الشواطئ، وفقدان مساحات واسعة من الأراضي الساحلية، التي تعد حيوية للسياحة والصيد والزراعة.
زحف الرمال وتآكل السواحل
من أبرز المشاكل التي قد تواجه السواحل المغربية في ظل العواصف وارتفاع منسوب المياه هو زحف الرمال وتآكل السواحل. في الوقت الراهن، تشكل العديد من السواحل في المغرب وجهة سياحية مهمة، كما تعتبر مصدر دخل لآلاف العاملين في قطاعات السياحة والصيد والزراعة. ولكن مع تزايد زحف الرمال نحو الداخل بفعل العواصف وارتفاع مستوى البحر، قد تزداد المخاطر على البنية التحتية السياحية والصناعية في هذه المناطق، ما يتطلب استثمارات ضخمة لحمايتها من أضرار التآكل.
تشقق الأرض وتضرر المباني
الارتفاع المستمر في منسوب المياه وتأثيرات العواصف القوية يمكن أن يؤدي إلى تغييرات في طبيعة التربة القريبة من السواحل. فعندما يتغلغل الماء المالح إلى الأرض، تتأثر التربة بشدة وتصبح أكثر عرضة للتشقق والتآكل. هذا الأمر قد يؤثر على المباني والبنية التحتية القريبة من السواحل، ويؤدي إلى تشققات في الأرض وتصدعات في المباني، مما يجعلها غير آمنة ويزيد من احتمالات انهيارها بمرور الوقت.
خطر الفيضانات المستقبلية
إلى جانب العواصف وتآكل السواحل، قد تشهد السواحل المغربية في المستقبل موجات فيضانية خطيرة إذا استمر مستوى سطح البحر في الارتفاع، أو تعرضت البلاد لعواصف شديدة كما حدث في إسبانيا. تُعد المدن الساحلية الكبرى، مثل الدار البيضاء والرباط وطنجة، معرضة لفيضانات قد تغمر الشوارع وتؤدي إلى أضرار مادية جسيمة. وبدون بنية تحتية مقاومة لهذه الفيضانات، يمكن أن يتفاقم الوضع مما يعرض حياة السكان للخطر ويضر بالاقتصاد المحلي.
التدابير الوقائية الضرورية كباحث أنصح بها
للحد من هذه المخاطر، يحتاج المغرب إلى اتخاذ تدابير عاجلة تشمل:
تطوير بنية تحتية مقاومة: بناء حاجز بحري وتقوية السدود لحماية المدن الساحلية من زحف البحر وارتفاع الأمواج.
التخطيط الحضري المستدام: التوسع العمراني بعيدًا عن السواحل لضمان سلامة المباني والأراضي من خطر الفيضانات.
التوعية البيئية: رفع وعي السكان حول أهمية الحفاظ على السواحل ودورهم في تقليل التلوث الذي يفاقم من تأثيرات التغير المناخي.
إدارة النظم البيئية الساحلية: الحفاظ على النظم البيئية مثل الشعاب المرجانية والمستنقعات الساحلية، التي تعمل كحواجز طبيعية تحمي الشواطئ من التآكل.
بينما لا يمكن الجزم بأن السواحل المغربية ستتعرض قريباً لعواصف ضخمة كالتي ضربت إسبانيا، فإن تأثيرات التغير المناخي تزيد من احتمالية تعرض هذه السواحل لمثل هذه الظواهر مستقبلاً. على المغرب أن يستعد لمواجهة هذه التحديات البيئية من خلال سياسات مستدامة واستثمارات استراتيجية لحماية البنية التحتية والمناطق الساحلية.