لم يسبق لفرنسا العهد بما شهدته وهي تحت حكم “إيمانويل ماكرون”، الرئيس الذي أطلق الحبل على الغارب، وجعل مبلغ همه أن يزج ببلاده في مستنقع لا مخرج لها منه، فكما راوحت الجمهورية مكانها بين متزلف من النظام العسكري الجزائري ومحابية لمناصريه هناك ضد المغرب والمغاربة، ها هي الآن تحصد وبال ما زرعته، وقد اشتعلت نارا، من لدن الجالية الجزائرية، بعدما رمى شرطي مرؤوس من لدن “جيرالد دارمانان” وزير الداخلية المتلاعب، قاصرا من بني جلدتهم برصاصة في الصدر.
وتعيش فرنسا على وقع صدامات قوية بين جزائريين والشرطة، لحد جعلها تنشر 40 ألفا من عناصر الأخيرة، تحسبا للية ثالثة من أعمال العنف التي تخللت ما أصبح يعرف بـ”المسيرة البيضاء”، بعد مقتل القاصر الجزائري “نائل” برصاصة في الصدر، متى كان يقود، يوم الثلاثاء الماضي، سيارة بسرعة جنونية ودون رخصة في ممر خاص بحافلات النقل العمومي في ضواحي العاصمة “باريس”.
واشتعلت فرنسا في مناطق متعددة، من لدن محتجين جزائريين ضمنهم عدد كبير من المجرمين والمنحرفين ، إثر مقتل الفتى ذي الأصول الجزائرية، فيما ارتفع عدد المعتقلين من بينهم إلى حوالي 500 مساء أمس الخميس في كامل فرنسا، وقد أضرم المحتجون النيران في بنك بـ”نانتير” المتاخمة لـ”باريس” ومستودع لحافلات النقل العام بضاحية “أوبيرفيلييه” فضلا عن قطار في ضاحية “فينيسيو” ضواحي مدينة “ليون”.
وتوالت الخبطات على رأس “إيمانويل ماكرون”، الذي عرفت فرنسا في عهده أعمال عنف متكررة، جعلها محور الأحداث الدائرة في العالم، وقد أودى بها إلى فوضى أصبح من الصعب لملمة تداعياتها على شتى الأصعدة، وقد أخفق داخليا وخارجيا على حد السواء في محطات عديدة، فلا هو استطاع إرضاء مواطنيه والجاليات لمقيمة في فرنسا ولا هو احتفظ لفرنسا بقيمتها لدى الأصدقاء قبل الأعداء، ليحقق رقما قياسيا في محاولاته تأجيج العداء ضده وبلاده على حد السواء.
وبينما انفرط الود الذي دام شهورا فقط بين فرنسا “إيمانويل ماكرون” والنظام العسكري الجزائري، فإن الأخير وجد لنفسه فرصة لمواجهتها، وقد عبر بلاغ لوزارة الخارجية، أمس الخميس، عن “صدمته” لما وصفه بالقتل “الوحشي” وقد جاء في البلاغ “علمت وزارة الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج بصدمة واستياء بوفاة الشاب نائل بشكل وحشي ومأساوي، والظروف المثيرة للقلق بشكل لافت التي أحاطت بحادثة الوفاة”.
وإذ كان “إيمانويل ماكرون” يحاول جمع شتات أفكاره بعدما انفلت الـ”كابرانات” من يده وقرروا معاودة اللعب بورقة الذاكرة عبر إعادة مقاطع الوعيد لفرنسا إلى النشيد الوطني الجزائري بعد حذفها لسنوات طويلة، فإن الـ”كابرانات” وجدوا فيما وقع للقاصر “نائل” ما يخدم أجندتهم ويزيد من حظوظ مرشحهم لرئاسيات 2024، عبر العزف من جديد على وتر الكراهية لفرنسا، التي يرونها “ماما” متى خدمتهم ضد المغرب، ويشيطنونها وقتما لم تساير أهواءهم، ليدبجوا بلاغهم الخشبي بأن “الحكومة الجزائرية ما زالت تتابع باهتمام بالغ تطورات هذه القضية المأساوية، مع الحرص الدائم على الوقوف إلى جانب أفراد جاليتها الوطنية في أوقات الشدائد والمحن”.