في لحظة نادرة ومشحونة بالرمزية، وجّه الرئيس اللبناني، جوزيف عون، رسالة شكر وامتنان رسمية للمملكة المغربية، وذلك من داخل القصر الرئاسي الجزائري “المرادية”، وبحضور الرئيس عبد المجيد تبون وعدد من كبار المسؤولين الجزائريين.
التصريحات جاءت خلال الندوة الصحافية المشتركة التي أعقبت المباحثات الرسمية بين الرئيسين، حيث حرص عون على الإشادة بالدور المحوري الذي لعبته كل من المملكة المغربية والمملكة العربية السعودية في صياغة ونجاح اتفاق الطائف، الذي مهّد لإنهاء الحرب الأهلية اللبنانية الدامية في ثمانينات القرن الماضي.
الرئيس اللبناني اعتبر أن الاتفاق، الموقع بمدينة الطائف يوم 30 شتنبر 1989، ما كان ليولد لولا الدعم السياسي والدبلوماسي النوعي الذي قدمته الرباط والرياض، مؤكدا أن المغرب شكّل عنصرا فاعلاً في إحلال السلام بلبنان.
غير أن التصريح الذي بدا تقليدياً في مضمونه، تحوّل إلى رسالة دبلوماسية مبطنة، حين شدد عون على أن “لبنان لا يتدخل في شؤون أي دولة شقيقة، إلا من باب المؤازرة والعمل لما فيه خير الجميع”، وهي عبارة اعتبرها مراقبون إشارة ضمنية تتجاوز المجاملة البروتوكولية، خاصة وأنها صيغت من قلب العاصمة الجزائرية، في وقت تعرف فيه العلاقات الجزائرية المغربية توتراً مستمراً.
ويُقرأ هذا الموقف اللبناني، بما حمله من إشادات وتلميحات، كسابقة سياسية ناعمة وسط سياق إقليمي متأزم، ما جعله يتجاوز حدود البروتوكول إلى منطق الرسائل المرمّزة، في توقيت حساس تحسب فيه الكلمات قبل أن تُقال.