عاد الصاروخ الصيني “لونج مارس 5 بي” إلى الأرض بطريقة غير خاضعة للسيطرة من جانب الصين، ويسقط أخيرا في بحر العرب جنوب غرب آسيا.
البداية كانت من تاريخ 29 أبريل الماضي عندما أطلقت الصين الصاروخ وعلى متنه جزء من محطة فضاء تنوي بكين بناءها باسم “تيانهي الفضائية”، وهي رحلة من عدة رحلات أخرى تحمل باقي أجزاء المحطة الحلم بالنسبة لبكين.
يبلغ طول الصاروخ كاملا، الذي غادر الأرض نحو المدار محملا بجزء من المحطة الصينية، نحو 57 مترا، وهو ثاني أطول صاروخ مخصص للصعود إلى الفضاء، بعد صاروخ “فالكون 9” الأمريكي البالغ طوله 70 مترا.
وإطلاق الصاروخ، جزء من 11 مهمة مخطط لها كجزء من بناء محطة الفضاء الصينية، والتي من المتوقع أن تكتمل في أواخر عام 2022؛ ومن المتوقع أن تزن المحطة الفضائية والتي ستكون على شكل حرف T حوالي 60 طناً، وهي أصغر بكثير من محطة الفضاء الدولية، التي أطلقت أول وحدة لها في عام 1998 وتزن حوالي 408 أطنان.
القصة كاملة
تتألف مرحلة إطلاق الصاروخ إلى الفضاء وعودته عدة مراحل، أخطرها المرحلة الأولى ثم المرحلة الأخيرة، إذ تمثل المرحلة الأولى، إطلاق الصاروخ من الأرض حتى مغادرة الغلاف الجوي السفلي.
في المرحلة الأولى يكون معظم الوقود قد احترق لحمل الصاروخ في بيئة تعتبر مقاومة لصعود الصاروخ إلى الأعلى، وصول إلى الغلاف الجوي السفلي، بعدها يقل ضغط المقاومة نحو الأسفل، ما يعني الحاجة إلى حرق وقود أقل.
وتكون ذروة الضغط على الصاروخ بسبب الغلاف الجوي السميك بعد دقيقة تقريبا من إقلاعه، ويكون حينها على ارتفاع 12 كيلومترا فوق سطح البحر، لكن مع دخوله الغلاف الجوي العلوي يقل الضغط ويكون الصاروخ في وضع تشغيلي أفضل.
مع نهاية المرحلة الأولى يسقط الجزء السفلي من الصاروخ إلى منطقة معروفة مسبقا، ولاحقا أصبح هناك تحكم أكبر في هذا الجزء، ليصل إلى سطح الأرض كاملا ويعاد استخدامه مرة أخرى.
المرحلة الثانية
في المرحلة الثانية، ينتقل الصاروخ إلى هدفه، وفي حالة الصاروخ الصيني فإنه متجه إلى مدار حول الأرض، وفعلا وصل للمدار وفصل الجزء الأول من المحطة المرتقبة، ليبقى جزء من الصاروخ هناك بانتظار تشغيل أحد محركاته.
إلا أن المحرك لم يعمل، وبدأ يدور حول الأرض بسرعة تبلغ قرابة 27 ألف كيلومترا في الساعة على ارتفاع 300 كيلومترا فوق سطح الأرض، إلى حين انتقاله لمرحلة منخفضة من الغلاف الجوي ويسقط على الأرض.
ويبلغ طول الوحدة غير المتحكم بها 30 مترا بقطر 5 أمتار وبوزن يبلغ 22 طنا، الأمر الذي دفع بكين للصمت عدة أيام قبل أن تعلن أن أجزاء كبيرة من بقايا الصاروخ ستحترق في الغلاف الجوي بسبب سرعة السقوط.
واعتبارا من السبت، انخفض ارتفاع جزء الصاروخ إلى ما يقرب من 80 كيلومترا، وأفادت SpaceNews أن الملاحظات الأرضية التي قام بها هواة، أظهرت أنها كانت تتدهور وليس تحت السيطرة.
كما أن سرعته، يجعل من المستحيل التنبؤ بمكان هبوطه عندما يسحبها الغلاف الجوي للأرض في النهاية، على الرغم من أن النتيجة الأكثر ترجيحا هي أن جزء الصاروخ سيسقط في البحر، حيث يغطي المحيط حوالي 71% من الكوكب.
ومنذ عام 1990، لم يُترك أي شيء يزيد عن 10 أطنان عن عمد في المدار ليعود مرة أخرى دون رقابة أو سيطرة، لكن جزء الصاروخ “Long March 5B”تجاوز وزنه 20 طنا.
استنادًا إلى مداره الحالي، مرّ الصاروخ فوق الأرض شمالا مثل نيويورك ومدريد وبكين وإلى الجنوب حتى جنوب تشيلي وويلينجتون بنيوزيلندا، وكان يمكن دخوله الغلاف الجوي في أي نقطة داخل هذه المنطقة.
وسيكون لمحطة الفضاء الصينية منفذ لرسو المركبات الفضائية، وستكون قادرة أيضا على الاتصال بقمر صناعي صيني؛ من الناحية النظرية يمكن توسيعه إلى ما يصل إلى ست وحدات، ويأتي ذلك، بينما تريد الصين أن تثبت أنها لاعب حقيقي في استكشاف الفضاء.
ووفقا مكتب الأمم المتحدة لشؤون الفضاء الخارجي، فإنه منذ بداية عصر الفضاء وحتى الآن، تم إطلاق ما مجموعه 8378 قطعة في الفضاء، لكن حوالي نصفها انتهى أجله وتحطم.
وبحسب مؤشر الأجسام المطلقة في الفضاء الخارجي التابع للمكتب، ثمة 4635 قمرا صناعيا يدور يوميا حول الأرض حاليا.