منطق الانتهازية يبدو واضحا في في سلوك أحزاب بعينها ، إذ لم تكد تنتهي الحملة الانتخابية الماضية حتى جفت الكلمات وهجرت الشعارات وزاد الأسلوب والإندفاع عن حده حتى انقلب كل شيء إلى ضده !
انا ممن يؤمنون بفساد الرؤية العامة للذين يؤمنون بالمال للنجاح بدل البرامج والإستراتيجيات الهادفة فكرا وسلوكا ، وارى أنها تتحمل الجزء الكبير من عبء اخفاقهم وفشلهم …ولا أرى أن الإخفاقات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التي سجلت بحق تجارب بعض الأحزاب المشاركة في السياسات العامة الا انعكاسا لفساد هذه الرؤية وأصحابها ، فتناقضات الخطاب السياسي هي التي غيرت وجوه وهمشت أخرى ودفعت بأخرى إلى الهاوية … فتارة تجد خطابهم فيزيقي تمارس السياسة فيه بمكر وبرغماتية ، وتدار فيه التحالفات وفق المصلحة الفردية التي تتحكم فيها نزعة الصراعات الشرسة المنفلتة عن الاخلاق …وتارة أخرى هو ميتافزيقي يحلق بك في عالم المثل ويأخذك الى حيث يتوقف العقل فيه عن التفكير ، يمارس فن الخطابة في كل مكان يراه مناسبا ويخضع المطلق والثابت والنسبي لبرنامجه المعروض سياسيا…فقد نسمي هذا النوع من الخطابات نفاقا سياسيا ، وقد نسميه انفصام في الشخصية السياسية ، وقد نرى فيه تراخيا في الالتزام الايديولوجي للحزب وأهدافه ، وقد يكون تمزقا وتيها فكريا ، وقد نرى فيه نصبا واحتيالا في لعبة اسمها السياسة والانتخاباب ، وقد نخلص فيه إلى فكرة مفادها طرق باب المجهول ..
لذلك لا يستقيم ان نقف اليوم مع الذين يتباكون على الازدواجية في الخطاب والسلوك…لقد تبين مرة أخرى ان هذه الأحزاب واصحابها تاجروا بالاخلاق والكذب لمراكمة الثروات ( فما ربحت تجارتهم …)
ان من يستوعب هذا الانقلاب الانتهازي بين خطاب أخلاقي برمزية ” هاك وارا ” وايديولوجية ” لحزارا ” ، وبين النهب والجشع والاغتناء بالمال العام …ما يطرحنا أمام سؤال النزاهة الفكرية والصدق السياسي مع المواطن ؟
فالصدق السياسي مطروح لانه لا يمكن استعمال الأدوات الكاذبة وبيع الأوهام قناعا ووسيلة للتمويه والتخدير وقرصنة الاصوات في الانتخابات …انها لصوصية ونصب واحتيال معصرن ..وما خفي اعظم .
بقلم : أحمدو بنمبا