شكلت أمريكا اللاتينية حصنا وأرضا خصبة لانتعاش أطروحة الانفصال والترويج لها، وتحصيل مواقف الرسمية للدول، ما طرح خلال الفترات الماضية تحديا أمام الدبلوماسية المغربية التي رمت بكل ثقلها هناك، لفرض مكانتها ومدّ خط التعاون الاقتصادي الذي يجر وراءه عربة السياسية المثقلة بالملفات الاستراتيجية. فجبهة البوليساريو تراهن على تنامي أذرع التيار اليساري في المنطقة لمحاولة كسب التأييد الذي يراهن المغرب على تحييده وخلق شبكة علاقات وحلفاء أقوياء بما يخدم مصالحه العليا.
وتُظهر المعطيات أن المغرب نجح في اختراق جبهة البوليساريو دبلوماسيا في أمريكا اللاتنية، والتي أثبتتها المواقف السياسية للدول المختلفة من أميركا الجنوبية، مثل البرازيل، والأوروغواي، وكولومبيا، وتشيلي، والأرجنتين، والإكوادور، هذه الأخبرة التي تبادل المغرب معها زيارات رفيعة المستوى خلال العام 2019، ما انتهى بإحداث أول مجموعة للصداقة البرلمانية الإكوادورية المغربية.
وقال عبد العالي الكارح الباحث في العلاقات الدولية بجامعة محمد الخامس، إن العلاقات الثنائية بين المغرب ودول أميركا اللاتينية، تتخذ منها الممارسة الدبلوماسية المغربية منهجا محددا يُظهر أنها “تنهج أسلوب التأثير من أجل بلوغ أهدافها”، موضحا أن ذلك التأثير يتجلى في امتلاك المغرب لـ”دبلوماسية نشيطة لاستقطاب النخب السياسية في أميركا اللاتينية”، إلى جانب النشاط الذي تقوم به الدبلوماسية المغربية باعتبارها “الأكثر احترافية في الإدارة المركزية والسفارات بأميركا اللاتينية”.
ويستخدم المغرب في علاقاته بدول أميركا اللاتينية، ما يصفه المحلل السياسي بـ”الدبلوماسية التضامنية لكسب الصداقات”، مشيرا إلى “المساعدات الإنسانية التي يقدمها المغرب على إثر وقوع كوارث طبيعية كالزلازل والأعاصير”، بالإضافة إلى الدبلوماسيتين الثقافية والرقمية، وكذلك إلى دور الوكالة المغربية للتعاون الدولي باعتبارها “الذراع التنفيذي لدبلوماسية التأثير المغربية نحو أميركا اللاتينية”.
وذكّر بما قررته بوليفيا من مراجعة لعلاقتها بالبوليساريو، بإعتبارها نتجية هامة تلخص التوجهات السياسية والدبلوماسية المغربية اتجاه الأميركيتين اللاتينية والجنوبية، إضافة إلى ما يمكن أن تتخذه البرازيل في الأشهر المقبلة خلال ولاية الرئيس لولا داسيلفا الذي لا يخف علاقته بالمغرب، ما جعل الدبلوماسية المغربية تراهن عليه حتى أن حضور رئيس الحكومة عزيز أخنوش إلى حفل تنصيب لولا داسيلفا مؤشر على هذا التحول السياسي القادمز فيما كان البرلمان الباراغوياني قد صادق بالإجماع على دعم المبادرة المغربية للحكم الذاتي، منتصف العام 2018.
وكان المغرب قد حصل على صفة حليف موثوق وعضو ملاحظ لدى مجموعة دول الأنديز (اتحاد جمركي يضم دولا من أميركا الجنوبية)، خلال اجتماعها الرئاسي الـ20، الذي انعقد منتصف العام 2020، فضلا عن امتلاك المغرب أيضا صفة عضو ملاحظ لدى تسع منظمات إقليمية بأميركا اللاتينية ذات طبيعة برلمانية وسياسية واقتصادية.
وتضع وفق المحل السياسي الخارجية المغربية خطة محكمة تبغي كسب حلفاء جدد بعيدا عن الرقعة التقليدية في أوروبا أو إفريقيا، لا سيما في أمريكا اللاتينية، ما يزيد من انحصار لأطروحة الإنفصال بما أن عدد الدول التي لا تعترف بالبوليساريو قد بلغ 163 دولة، أي 85% من الدول الأعضاء في منظمة الأمم المتحدة.