الأكياس البلاستيكية: رغم منعها، لا تزال تنتشر في الأسواق والمحلات التجارية ببعض المدن المغربية

هيئة التحرير11 أكتوبر 2024آخر تحديث : الجمعة 11 أكتوبر 2024 - 7:48 مساءً
هيئة التحرير
مختارات
الأكياس البلاستيكية: رغم منعها، لا تزال تنتشر في الأسواق والمحلات التجارية ببعض المدن المغربية

بدر شاشا

الأكياس البلاستيكية، ذلك العنصر الصغير الذي دخل حياتنا اليومية منذ عقود، أصبحت حديث الساعة في السنوات الأخيرة. ورغم الجهود الحثيثة لمنع استخدامها والتخلص منها في العديد من الدول حول العالم، بما في ذلك المغرب، إلا أن الواقع يُظهر أنها لا تزال موجودة في الأسواق والمحلات التجارية، خاصة في بعض المدن والمناطق.
عندما تم اتخاذ قرار منع الأكياس البلاستيكية في المغرب، كان الهدف واضحًا؛ حماية البيئة، وتقليل المخاطر الصحية، والحد من التلوث. فالأكياس البلاستيكية، رغم أنها تبدو مريحة وسهلة الاستخدام، إلا أن آثارها السلبية على البيئة والإنسان لا تعد ولا تحصى. فهي غير قابلة للتحلل البيولوجي، وتستغرق مئات السنين لتتحلل في الطبيعة، مما يجعلها مصدرًا رئيسيًا للتلوث سواء في البر أو البحر.

كيف بدأت القصة؟

في عام 2016، أُعلن رسميًا عن منع الأكياس البلاستيكية في المغرب بموجب قانون جاء تحت شعار “زيرو ميكة”. كان ذلك القرار يُعد خطوة ثورية في مجال حماية البيئة، وقد لقي ترحيبًا واسعًا من قِبل المدافعين عن البيئة والعديد من المواطنين. تم الترويج للمبادرة عبر مختلف وسائل الإعلام، وتم تشجيع المواطنين على استخدام الأكياس القابلة لإعادة الاستخدام. ومع ذلك، وبعد مرور عدة سنوات، لا يزال البعض يتساءل: لماذا لا تزال الأكياس البلاستيكية تُباع في الأسواق والمحلات التجارية؟

الواقع المخفي وراء الحظر

رغم الحظر الرسمي، فإن الأكياس البلاستيكية لم تختفِ تمامًا. لا يزال بإمكانك في بعض المدن المغربية، وخاصة في الأسواق الشعبية والمحلات التجارية الصغيرة، العثور على الأكياس البلاستيكية تُستخدم علنًا. فما السبب وراء ذلك؟

sahel

من الأسباب الرئيسية لوجود الأكياس البلاستيكية في بعض المدن هو ضعف الرقابة. فالأسواق الشعبية، التي تُعتبر القلب النابض للعديد من المدن، غالبًا ما تكون بعيدة عن أعين السلطات الرقابية. في هذه الأماكن، يمكن للتجار استخدام الأكياس البلاستيكية دون خوف من العقاب. وعلى الرغم من الجهود التي تبذلها الحكومة والسلطات المحلية لتطبيق القانون، إلا أن التحديات الميدانية تظل عقبة كبيرة أمام التنفيذ الفعلي للحظر.

العوامل الاقتصادية والاجتماعية

من ناحية أخرى، لا يمكننا تجاهل العوامل الاقتصادية والاجتماعية التي تلعب دورًا كبيرًا في استمرار استخدام الأكياس البلاستيكية. فبالنسبة للعديد من التجار وأصحاب المحلات الصغيرة، يُعد استخدام الأكياس البلاستيكية أقل تكلفة بكثير من البدائل الصديقة للبيئة. الأكياس القابلة لإعادة الاستخدام أو المصنوعة من مواد طبيعية تكلفتها أعلى بكثير، وهذا يجعل العديد من التجار يفضلون العودة إلى الأكياس البلاستيكية رغم الحظر.

إضافة إلى ذلك، يلعب الوعي البيئي دورًا كبيرًا في هذه المشكلة. فليس كل المواطنين والتجار يدركون تمامًا الأضرار التي تلحقها الأكياس البلاستيكية بالبيئة. هناك فئة كبيرة من الناس يعتقدون أن الأكياس البلاستيكية هي الخيار الأمثل نظرًا لسهولة استخدامها وتوافرها بأسعار زهيدة. وهذه العقلية تجعل الجهود التوعوية أكثر صعوبة.

المخاطر البيئية والصحية

لا يمكن الحديث عن الأكياس البلاستيكية دون التطرق إلى مخاطرها البيئية والصحية. فالأكياس البلاستيكية، عندما تُلقى في الطبيعة، تتسبب في تلوث التربة والمياه. الحيوانات البرية والبحرية غالبًا ما تبتلع الأكياس البلاستيكية، مما يؤدي إلى وفاتها. هذا إلى جانب التأثيرات السلبية على النظام البيئي ككل، حيث يمكن أن تتراكم المواد البلاستيكية في السلاسل الغذائية، مما يؤدي إلى تأثيرات صحية على الإنسان.
أما من الناحية الصحية، فإن الأكياس البلاستيكية يمكن أن تسبب مشاكل صحية خطيرة إذا تم استخدامها في تعبئة المواد الغذائية الساخنة أو الحامضية. بعض الدراسات أثبتت أن المواد الكيميائية التي تُصنع منها الأكياس البلاستيكية يمكن أن تنتقل إلى الطعام وتسبب أمراضًا خطيرة مثل السرطان وأمراض الجهاز التنفسي.
رغم التحديات، لا يمكن القول إن الأمل قد ضاع. هناك العديد من الحلول التي يمكن اتخاذها للتصدي لهذه المشكلة وضمان التخلص من الأكياس البلاستيكية بشكل نهائي.
يجب تعزيز الرقابة على الأسواق الشعبية والمحلات التجارية الصغيرة. فالقانون يجب أن يُطبق بحزم على الجميع، بغض النظر عن حجم المحل أو نوع النشاط التجاري. كما يجب تشجيع المواطنين على الإبلاغ عن المخالفات، بحيث تكون هناك تعاون بين السلطات والمجتمع للقضاء على هذه الظاهرة.
يجب تعزيز الحملات التوعوية حول أضرار الأكياس البلاستيكية. رغم الجهود المبذولة في هذا المجال، إلا أن هناك حاجة لمزيد من التوعية، خاصة في المناطق النائية والأحياء الشعبية. يمكن استخدام وسائل الإعلام المحلية والشبكات الاجتماعية للوصول إلى أكبر عدد ممكن من المواطنين.
يجب تقديم دعم مادي للتجار لتشجيعهم على استخدام البدائل الصديقة للبيئة. يمكن للحكومة أن تقدم حوافز مالية للتجار الذين يلتزمون باستخدام الأكياس القابلة لإعادة الاستخدام أو المصنوعة من مواد طبيعية. هذا سيشجع المزيد من التجار على الابتعاد عن الأكياس البلاستيكية.
الأكياس البلاستيكية رغم منعها، لا تزال تشكل تحديًا كبيرًا في بعض المدن المغربية. وبينما تبذل الحكومة جهودًا كبيرة للحد من استخدامها، إلا أن العوامل الاقتصادية والاجتماعية، إلى جانب ضعف الرقابة في بعض المناطق، تجعل من الصعب القضاء عليها نهائيًا. ومع ذلك، لا يزال الأمل قائمًا في تحسين الوضع من خلال تعزيز التوعية وتطبيق القانون بشكل صارم، إلى جانب تقديم الحوافز للتجار والمواطنين على حد سواء.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة