بدر شاشا
الاحتكار والمضاربات غير المشروعة في الأسواق المغربية تشكل أحد الأسباب الرئيسية لارتفاع أسعار المواد الغذائية، بما في ذلك الخضر والمواد الأساسية. هذه الظاهرة تتجلى من خلال سيطرة فئة صغيرة من الفاعلين على سلاسل التوريد، مما يسمح لهم بفرض الأسعار التي تناسب مصالحهم، بعيداً عن قواعد المنافسة العادلة. في ظل هذا الوضع، يصبح المستهلك المغربي ضحية ارتفاع غير مبرر في الأسعار، حيث تزداد الأعباء المالية على الأسر، خاصة في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعيشها العديد من المواطنين.
من بين الممارسات التي تزيد من حدة هذه الظاهرة نجد المضاربات غير المشروعة، حيث يقوم بعض الوسطاء والموزعين بشراء كميات كبيرة من المنتجات وتخزينها بشكل متعمد، بهدف خلق نقص مصطنع في السوق. هذا الأسلوب لا يؤدي فقط إلى رفع الأسعار بشكل غير طبيعي، بل يضرب استقرار الأسواق ويؤثر على القدرة الشرائية للمواطنين. إضافة إلى ذلك، كثرة الموزعين والوسطاء بين المنتج والمستهلك النهائي تزيد من ارتفاع الأسعار، إذ يُضاف هامش ربح عند كل وسيط، ما يجعل الأسعار النهائية تتجاوز المستويات المعقولة.
تخزين المنتجات الغذائية الأساسية، مثل الحبوب والخضر والزيوت، أصبح أيضاً أداة تُستغل لتحقيق مكاسب سريعة على حساب استقرار السوق. هذه الممارسات تُعد خرقاً واضحاً للقوانين التي تنظم التجارة والأسواق، وتُظهر غياب رقابة صارمة تمنع استغلال الظروف لتحقيق الأرباح غير المشروعة.
الحلول الممكنة لهذه الإشكالية تبدأ بتفعيل رقابة فعالة على الأسواق من طرف السلطات المختصة، مع فرض عقوبات صارمة على المخالفين الذين ينخرطون في الاحتكار أو المضاربات غير القانونية. تعزيز الشفافية في سلاسل التوريد يعد أيضاً ضرورياً لضمان استقرار الأسعار، حيث يمكن أن تساهم التكنولوجيا الحديثة في تتبع حركة المنتجات من المصدر إلى المستهلك.
يجب العمل على تقوية التعاونيات الفلاحية ودعم المنتجين الصغار لتمكينهم من الوصول المباشر إلى الأسواق دون الحاجة إلى الاعتماد على الوسطاء. هذه الخطوة يمكن أن تخفض تكاليف الإنتاج والتوزيع، وتوفر منتجات بجودة وأسعار تناسب المستهلكين.
الاحتكار والمضاربات غير المشروعة يشكلان تحدياً كبيراً أمام تحقيق استقرار الأسواق وضمان العدالة الاقتصادية. ما يحتاجه المغرب اليوم هو منظومة رقابية فعالة، إلى جانب وعي مجتمعي يرفض هذه الممارسات ويدعم التحركات التي تهدف إلى خلق سوق عادلة ومتوازنة تعود بالنفع على الجميع.