“العربية والفرنسية… صراع هادئ يظهر في دورات مجالس مجموعة الجماعات الترابية بالعيون والداخلة”

هيئة التحريرمنذ 5 ساعاتآخر تحديث :
“العربية والفرنسية… صراع هادئ يظهر في دورات مجالس مجموعة الجماعات الترابية بالعيون والداخلة”

في السياسة كما في اللغة، ليس كل ما يبدو تفصيليًا هو كذلك. خلال أشغال الدورة الاستثنائية لمجموعة الجماعات بجهة العيون ، فجّر الحاج مولاي حمدي ولد الرشيد قضية تبدو للوهلة الأولى إجرائية: اعتماد العربية في كل وثائق المجلس بدل الفرنسية. عبارته كانت صريحة: “من غير المقبول أن ترسلوا لنا الاتفاقيات بالفرنسية”.

قبل أيام قليلة فقط، في الداخلة، أثار المستشار الجماعي سويلم بوعمود – المنتمي بدوره إلى حزب الاستقلال – القضية نفسها في دورة استثنائية لمجموعة الجماعات الترابية الداخلة وادي الذهب. التكرار هنا ليس عفوياً. ثمة إحساس متزايد لدى الفاعلين المحليين بأن اللغة الرسمية للبلاد لم تحجز بعد موقعها الطبيعي في المؤسسات، وأن استمرار الفرنسية في الوثائق الرسمية يعبّر عن خللٍ في التمثلات والسياسات معًا.

تتشابك في هذه اللحظة عناصر رمزية وسياسية؛ فالمسألة ليست مجرد لغة، بل هي رهان على الهوية الوطنية وتوازن القوى الثقافية في المؤسسات. عندما يتحرك اثنان من حزب واحد، في جهتين مختلفتين، وبخطاب متقارب، لا يمكن قراءة ذلك كحادث معزول. قد يكون الأمر جزءًا من توجه أوسع داخل الحزب، أو بداية معركة رمزية لإعادة تعريف علاقة المؤسسات باللغة والهوية في الصحراء المغربية.

اللغة، هنا، ليست مجرد أداة تواصل بل أداة سلطة. ومن هذا المنظور، يصبح السؤال: هل ما نشهده اليوم هو صدفة أم سياسة؟ هل نحن أمام مبادرات فردية متفرقة أم بداية تحول في مزاج النخب المحلية داخل الهيئات السياسية، وربما خارجها، باتجاه ترسيخ العربية بوصفها عنوانًا للسيادة الرمزية والعملية في الوقت نفسه؟

مهما يكن الجواب، فإن ما يجري في العيون والداخلة يكشف أن صراع الرموز لا يقل أهمية عن صراع البرامج، وأن مستقبل اللغة في المؤسسات المغربية سيظل ساحة اختبار حقيقية لمدى قدرة النخب على التوفيق بين إرث الاستعمار ومتطلبات السيادة الوطنية.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة