إعداد :عبد الواحد بلقصري
باحث بكلية العلوم الانسانية والاجتماعية بجامعة ابن طفيل
السياسة العامة أو السياسات العمومية هي الدليل الذي يحدد المبادئ للإجراءات التي
تتخذها السلطات التنفيذية الإدارية لـلدولة، وذلك فيما يتعلق بالقضايا التي تتماشى مع القانون
والأعراف المؤسساتية، وبشكل عام، يتمثل أساس السياسات العامة في مدى الالتزام بالقانون
الوطني الدستوري الأساسي ذي الصلة وكذلك لتنفيذ التشريعات، كذلك تشمل الأسس الأخرى
كلاً من التفسيرات والأنظمة القضائية والتي يتم اعتمادها بشكل عام من خلال التشريعات
وفي هذا السياق تبرز لنا المفاهيم التالية:
.مفهوم الحكامة هيكل موضوع السياسات العامة
يعتبر مصطلح الحكامة من أهم المصطلحات التي يعرف أولها في الحقل التنموي منذ نهاية
الثمانينيات حيث تم استعماله لأول مرة من طرف البنك الدولي في سنة 1989م الذي اعتبر
الحكامة أنها أسلوب تمارسه السلطة في تسيير الموارد الاقتصادية والاجتماعية للبلاد من أجل
التنمية. ولقد جاء استعمال البنك الدولي لمفهوم الحكامة في إطار تأكيده على أن أزمة التنمية في إفريقيا هي أزمة الحكامة بالدرجة الأولى بسبب فساد النظم السياسية.
ومن جهة أخرى نجد ان مفهوم الحكامة “يرتبط بالواقع.. ويمثل أيضا مثالا معياريا مرتبطا
بالشفافية والأخلاقيات وفعالية العمل العام” وفي علم الاجتماع يثير هذا المفهوم إشكالات
عدة على مستوى التسمية والبناء المعرفي، بحيث يذهب بعض الدارسين إلى أن هذا المفهوم
يشوبه نوع من الالتباس، بحيث تمدنا السوسيولوجيا التاريخية بمحدودية هذا التصور، وفي
هذا الإطار سيبرز مفهوم الحكم المحلي “كإعلان عن منظور جديد للحكم وممارسة السلطة
السياسية، ومطلب لهيكلة جديدة للقرار، تقوم على إعطاء الأولوية للفاعل المحلي المنبثق من
فعل الاقتراع في إرساء سياسة منسجمة مع الوقائع المختلفة بالضرورة
التنمية الانسانية مفهوم مركزي :
تعتبر التنمية الانسانية الناس هم ثروتها الحقيقة وتركز هي كدلك على توسيع خيارات
الناس لكن هاته الخيارات هي خيارات شاسعة و متعددة منها ما هو اقتصادي المتمثل في
توزيع الدخل ونصيب الفرد من الناتج المحلي الاجمالي وتوزيع الثروة ومنها ما هو اجتماعي
متعلق بالصحة و مجالاتها المتعددة و التعليم بسياسته المتعددة اضافة الى مؤشرات البحث و
التطوير و تعقدات المعلومات اضافة الى المؤشرات الجديدة التي اتى بها وضمانا لقياس
الحكم الصالح الذي اعتبرته التنمية الانسانية محور التنمية وركيزتها الأساسية. واكد التقرير
على ان الاطروحة النظرية الحرية هي اهم الركائز التي تعالجها حيت اعتبرتها الغاية الاساسية
للتنمية الانسانية كما اكد على ان الهدف المتوخى من الحرية هي القضاء على انعدام الحريات
. “وبشكل عام نجد هذا المفهوم يعكس نوعية حياة الناس وجودتها في المجتمع الذين يعيشون
فيه، بما في ذلك مفهوم الرفاه، وذلك استنادا إلى مواد معينة من الإعلان العالمي لحقوق
الإنسان لعام 25.”1948
التنمية البشرية:
التنمية البشرية هي توسيع خيارات الإنسان الاقتصادية والاجتماعية وذلك عن طريق تجمع
بين مؤشر التعلم المتمثل في القراءة والكتابة ومؤشر العمر المتوقع عند الميلاد ومؤشر الدخل،
وقد تم تعريف التنمية البشرية عام 1990
هي توسيع الخيارات المتاحة أمام الناس ليعيشوا حياة مديدة ملؤها الصحة ويكتسبوا المعرفة
ويعيشوا حياة كريمة
مما سبق نستنتج أنه بعد التطور الذي شهدته التنمية في العالم ظهرت الحاجة إلى بناء
مؤشرات تنموية عديدة تمكن من توفير مقياس مباشر لنتائج الجهود الإنمائية المبذولة لمكافحة
الفقر والمحققة لإشباع مختلف عناصر الحاجات الأساسية (المادية والاجتماعية و المعنوية)
ثم جاءت الحاجة لبناء مؤشر مركب( واحد) يتضمن داخله كافة المؤشرات المتصلة بمدى
إتساع تلك الحاجات. وذلك بهدف المقارنة والتقييم ومن ثم التطوير كل هذا ساهم في
ظهور دليل التنمية البشرية يتضمن المؤشرات التي ذكرناها سابقا حيث يعتمد هذا الدليل عل
مؤش ارت متباينة عدة ،مستوى مؤش ارت التنمية البشرية هل هي مرتفعة جدا أم مرتفعة أم
متوسطة أم منخفضة.
نجد العديد من دول العالم تستعمل الناتج الداخلي الخام كمؤشر أساسي للتنمية وللازدهار
الاقتصادي، إلا أن هناك العديد من الدول التي لم تستطيع ضمان مستوى معيشي لائق لغالبية
سكانها سواء على مستوى التغطية الصحية أو المستوى التعليمي بالرغم من تحقيقها معدلات
مرتفعة للناتج الداخلي الخام. هذا الواقع دفع بظهور العديد من الاتجاهات التي ترى ان الناتج
الداخلي الخام هو وسيلة لجعل التنمية في خدمة البشر وليس غاية في حد ذاته، وهو ما تجسد
نظرية التنمية البشريةوبرز للساحة التنموية مجموعة من التقارير المتناولة للتنمية وهي
التقرير العالمي للتنمية البشرية و هو تقرير يتناول بالشرح واقع التنمية البشرية بالعالم
ويتيح إمكانية المقارنة العالمية ويشمل أغلب بلدان الالم ومواضــيع هاته التقارير التي ظهر
أولى تقريـــــر سنة 1990هي كالتالي: من 1990إلى سنة .2020
• عام 1990مفهوم وقياس التنمية البشرية؛
• عام 1991تمويل التنمية البشرية؛
• عام 1992الأبعاد العالمية للتنمية البشرية؛
• عام 1993مشاركة الشعب؛
• عام 1994أبعاد جديدة للأمن الإنساني؛
• عام 1995النوع الاجتماعي والتنمية البشرية؛
• عام 1996النمو الاقتصادي والتنمية البشرية؛
• عام 1997التنمية البشرية للقضاء على الفقر؛
• عام 1998الاستهلاك للتنمية البشرية؛
• عام 1999العولمة ذات الوجه الإنساني؛
• عام 2000حقوق الإنسان والتنمية البشرية؛
• عام 2001جعل التقنيات الحديثة تعمل من أجل التنمية البشرية؛
• عام 2002تعميق الديمقراطية في عالم مجزأ؛
• عام 2003الأهداف الإنمائية للألفية: اتفاق بين الأمم لإنهاء الفقر البشري؛
• عام 2004الحرية الثقافية في عالم اليوم المتنوع؛31
• عام 2005التعاون الدولي على مفترق طرق: المعونة والتجارة والأمن في عالم غير
متكافئ؛
• عام 2006ما وراء الندرة: القوة والفقر وأزمة المياه العالمية؛
• عام 2008/2007مكافحة تغير المناخ: التضامن الإنساني في عالم منقسم؛
• عام 2009التغلب على العوائق: حراك الإنسان وتنميته؛
• عام 2010الثروة الحقيقية للأمم: سبل التنمية البشرية؛
• عام 2011الاستدامة والإنصاف: مستقبل أفضل للجميع؛
• عام 2013صعود الجنوب: التقدم البشري في عالم متنوع؛
• عام 2014الحفاظ على التقدم البشري: الحد من نقاط الضعف وبناء المرونة؛
• عام 2015العمل من أجل التنمية البشرية؛
• عام 2016التنمية البشرية الطريق إلى الأمام مخصصة من البشر؛
• عام 2018التحديث الإحصائي؛
• عام -2019ما وراء الدخل والمتوسط والحاضر : أوجه عدم المساواة في القرن
الحادي والعشرين ؛
• عام 2020التنمية البشرية والانتروبوسن
والنوع الثاني يعرف بالتقارير الإقليمية ونأخذ على سبيل المثال تقارير التنمية الانسانية في
العالم العربي وقد صدر أول تقرير للتنمية الإنسانية في العالم العربي سنة 2002للتنمية
الإنسانية في العالم العربي وتقرير 2003حول المعرفة في العالم العربي
وتقرير 2004حول الحرية والحكم الصالح في العالم العربي وتقرير 2005حول تمكين
النوع في العالم العربي وتقرير سنة 2009حول تحديات أمن الانسان في البلدان العربية
وتقرير سنة 2016حول الشباب وافاق التنمية / واقع متغير.
وبالرغم من أن سياق التنمية الإنسانية سياقا واسعا يتضمن المؤشرات السياسية بالإضافة
إلى المؤشرات الاجتماعية والاقتصادية حيث أن هاته التقارير عالجت هاته المؤشرات
وربطتها بالوضع العربي وأعطت لنا عبر هاته المؤشرات القياسية نتائج هذا الوضع، وبالرغم
من أن خطابات هاته التقارير تدخل في مجال الفكر النقدي لبرنامج الأمم المتحدة للإنماء
الاقتصادي والاجتماعي ، وبالرغم من أنها خطابات غير بريئة ، فإنها (صفحة )8فإنها
على الأقل خلقت نقاشات حادة في أحيان كثيرة، كذلك بالرغم من حوافزها السياسية
فإنها بمثابة علم اجتماعي ناقد كما أكد رئيس الفريق الرئاسي لتقرير سنة 2002الدكتور
نادر الفرجاني كما أنها تحمل في طياتها ثقافة أكاديمية عبر استخدامها لمناهج ومؤشرات
إجرائية مهمة ومعاصرة. حيث نجد مثلا في التقرير الأول تم الاستعانة بالعديد من المنظمات
كمنظمة( freeddeem houseبيت الحرية )وهي منظمة غير حكومية أمريكية استطاعت
أن تعطي لنا مؤشرات قياسية يمكن بواسطتها تحديد الدول الحرة والدول الشبه الحرة والدول
التي تنعدم فيها الحرية ومؤسسة( kaufmanكوفمان) التي درست ما يقارب 177نظاما
سياسيا عبر مؤشر المساءلة والتمثيل ، وتم تصنيف هاته النظم السياسية .
وإذا كانت هاته التقارير قد حققت تراكما أكاديميا بالنسبة للبحث العلمي في المنطقة العربية
فإن مسألة الالتزام الضمني والصريح أي أي الحس النقدي لدى الباحث الأكاديمي، يجب
أن يكون حاض ار حيث أنه يجب مقارنة هاته الأرقام بواقعنا وطرح السؤال وتقديم القوة
الاقتراحية التي تبقى أنجع الحلول لخلق فضاء عمومي للحوار والتفكير الايجابي من أجل
حل مشاكل جميع قضايانا السياسة و الاقتصادية والاجتماعية والثقافية .
دراسة وضعية المغرب في تقرير التنمية البشرية لسنة 2020:
صنف مؤشر التنمية البشرية لسنة 2020المغرب في الرتبة 121من أصل 189دولة
شملها التصنيف بحصيلة 0.686حيث أن يتموقع ضمن خانة الدول ذات التنمية البشرية
المتوسطة ، حيث احتل المغرب الرتبة 15عربيا و 121عالميا وجاء ترتيب الدول العربية
كالتالي:
– الإمارات الأولى عربيا و 35عالميا؛
– السعودية الثانية عربيا و 36عالميا؛
– قطر الثالثة عربيا و و 41عالميا؛
– البحرين الرابعة عربيا و 45عالميا؛
– عمان الخامسة عربيا و 47عالميا؛
– الكويت السادسة عربيا و 57عالميا؛
– الجزائر السابعة عربيا و 82عالميا؛
– تونس الثامنة عربيا و 91عالميا؛
– لبنان التاسعة عربيا و 93عالميا؛
– الاردن العاشرة عربيا و 102عالميا؛
– ليبيا الحادي عشر عربيا و 110عالميا؛
– مصر الثاني عشر عربيا و 116عالميا؛
– فلسطين الثالثة عشر عربيا و 119عالميا؛
– العراق الرابعة عشر عربيا و 120عالميا؛
ــ المغرب الخامس عشر عربيا و 121عالميا.27
وتقوم الأمم المتحدة في تصنيفها إلى تقسيم الدول حسب مؤشر التنمية البشرية إلى 4
مستويات وهي كالتالي:
– المستوى الأول: مؤشر التنمية مرتفع جدا والتي يصنف الدول من 49 -1
– المستوى الثاني : مؤشر التنمية البشرية للدول المرتفعة يحتوي على مراكز الدول من
105 -50
– المستوى الثالث : يتعلق بمؤشر التنمية البشرية المتوسطة والتي يحتوي على الم اركز
.106-143
– المستوى الرابع: مرتبط بمؤشر الدول المختلفة من المركز الاول.188 -144
ومن الملاحظ في السنوات الأخيرة نجد أن عدد من الدول العربية تقدمت إلى المستوى الاول
وهي المرتفعة جدا.
وطالب التقرير الحكومات بضرورة مواجهة التحديات لتوفير فرص مناسبة تناسب الأوضاع
الجديدة ومنها زيادة التواصل المجتمعي لخلق علاقة قوية بين الدولة والقطاع الخاص
لتأمين ما يسمى بالأمن الاجتماعي.
وأوضح التقرير أن متوسط العمر في المغرب يصل إلى 76.7سنة وبخصوص سنوات
التعليم المتوقعة قال التقرير أنها تصل إلى 13.7بينما يبلغ معدل سنوات التعليم 5.16
فقط وبخصوص الدخل القومي الإجمالي فقد بلغ حسب التقرير إلى 7368دولار . أما
مؤشر عدم المساواة بين الجنسين فيأتي المغرب في المرتبة 111عالميا برصيد 0.454أما
عدد الوفيات لكل 100.000يصل في المغرب إلى .2860
أما مؤشر قوة العمل فقد بلغ بالنسبة للرجال %70.1ولدى النساء % 21.5وجاء المغرب
في المرتبة 14عربيا في هذا المؤشر وأكد التقرير بلغة صريحة أن وباء كوفيد 19يعد
بمثابة أحدث أزمة تواجه العالم ولكن ما لم يعلن البشر قبضتهم على الطبيعة فلن تكون
الأخيرة ويضع التقرير قادة العالم أمام اختيار صعب إما اتخاذ خطوات جريئة لتحقيق ما
يمارس على البيئة والحياة الطبيعية من ضغوط هائلة و المجازفة بعرقلة تقدم الإنسانية
وقال اخيم ساتير ، مدير برنامج الأمم المتحدة لدى البشر اليوم سلطات للسيطرة اكبر بكثير
في أي وقت مضى وبعدما شهدناه من تفشي جائحة كوفيد 19وتسجيل ارتفاعات قياسية في
درجة حرارة المناخ وتصاعد غير مسبوق لأوجه عدم المساواة حان الوقت لاستخدام تلك
السلطات لإعادة مفهوم التقدم على نحو لا يمكن معه اخفاء بصماتنا الكربونية والاستهلاكية
نخلص في الأخير أن المغرب بالرغم من المجهودات والأوراش الكبرى التي أطلقها فإن
تسريع وتيرة التنمية البشرية رهين بتطوير عدد من المجالات، كتطوير الاحتياجات الصحية.
وتعزيز نظام التموين الصحي وتقليل العبء الذي تتحمله الأسر وتعميم التعليم في جميع
المستويات لمحاربة الهدر المدرسي وكذلك عبر تقوية الموارد المالية والتربوية والبيداغوجية
وتعزيز النمو الاقتصادي لخلق فرص عمل لتشجيع الشباب والنساء، وتعزيز التربية على
ثقافة المساواة، واعتماد تدابير الحماية الاجتماعية والعمل على تنفيذ إستراتيجية التنمية
المستدامة 2030.
كل هذا من شأنه أن يرفع من مؤشر التنمية البشرية إلى درجات مرتفعة ومن
شأنه أن يعزز من ترتيب المغرب ليصبح من الدول الصاعدة .
لائحة المراجع والهوامش :
– فيليب برو، علم الاجتماع السياسي، ترجمة محمد عرب صاصيلا، المؤسسة الجامعية
للدراسات والنشر والتوزيع، .1998
– ناهد عز الدين، موسوعة الشباب السياسية، سلسلة خاصة يصدرها مركز الدراسات
السياسية والاستراتيجية بالأهرام، القاهرة، .2000
– الهمادي رضا: السياسات العمومية بالمغرب، ممي ازتها وطرق صياغتها، مجلة
المرصد الوطني للسياسات العمومية
– تقرير التنمية الانسانية في العالم العربي لسنة 2002 PNUD
– تقرير التنمية الانسانية في العالم العربي لسنة 2003PNUD
– تقرير التنمية الانسانية في العالم العربي لسنة 2004PNUD
➢ ➢ Pierre Muller, Les politiques publiques, PUF, Paris, 2009.298
➢ Pierre MULLER : les politique publique press universitaires
de France colloque sais-je ? eo Edition 2013, paris
➢ Raymond-Alain Thietart, La planification (chapitre 1), dans,
Le management, 2017.
➢ T.habbes leviathan, traduction François tricaud, paris Ed :
1976