العيون تحتضن منتدى التعاون المغربي-الإفريقي وسط جدل لغوي بين العربية والفرنسية

هيئة التحرير21 يونيو 2025آخر تحديث :
العيون تحتضن منتدى التعاون المغربي-الإفريقي وسط جدل لغوي بين العربية والفرنسية

شهد المنتدى البرلماني للتعاون الاقتصادي بين المغرب وإفريقيا، المنعقد يوم امس الجمعة بمدينة العيون، نقاشًا لافتًا حول اللغات المستخدمة خلال المداخلات الرسمية، بعدما اختار عدد من الوزراء التحدث باللغة الفرنسية، في مقابل تمسك رئيس جهة العيون الساقية الحمراء، سيدي حمدي ولد الرشيد، باستخدام العربية والحسانية فقط.

المنتدى، الذي ينظمه مجلس المستشارين بشراكة مع الاتحاد العام لمقاولات المغرب، عرف حضور وزراء وبرلمانيين وشخصيات اقتصادية من عدد من الدول الإفريقية. وقد فضل كل من وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، يونس السكوري، والوزيرة المنتدبة المكلفة بالانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة، غيثة مزور، إلقاء كلمتيهما باللغة الفرنسية، مبررين ذلك بوجود ضيوف أجانب وحرصهم على إيصال الرسائل بشكل مباشر دون وسيط لغوي.

في المقابل، عبّر رئيس جهة العيون الساقية الحمراء، سيدي حمدي ولد الرشيد، عن موقف مغاير، رافضًا الإدلاء بأي تصريح بلغة أجنبية، بما في ذلك الإسبانية، حيث أكد في تصريح صحفي لموقع ناطق بالإسبانية أنه لا يتحدث إلا باللغة العربية، ومستعد كذلك للتواصل بالحسانية، باعتبارها لغة أهل المنطقة، ومضيفًا: “بصفتي رئيس جهة، لا يمكنني التعبير إلا بلغاتنا الرسمية والوطنية”.

وأشار ولد الرشيد إلى أن موقفه لا ينبغي تحميله أبعادًا سياسية أو إيديولوجية، لكنه لفت في الآن ذاته إلى رمزية اللغة الإسبانية في منطقة عانت من فترة استعمارية طويلة، مؤكدًا أن العربية والحسانية كفيلتان بإيصال المضمون والرسائل.

ورغم تأكيد بعض المتدخلين على الحاجة للتواصل المباشر مع الضيوف، فإن المنظمين كانوا قد وفروا خدمات الترجمة الفورية إلى ثلاث لغات: العربية، الفرنسية، والإسبانية، ما يفتح الباب أمام تساؤلات بشأن استمرار اعتماد بعض المسؤولين على الفرنسية كلغة أولى في فعاليات رسمية تُعقد داخل المغرب، في مقابل دعوات محلية صريحة لتعزيز استعمال اللغة العربية واللغات الوطنية.

ويعكس هذا الجدل اللغوي في منتدى العيون معركة رمزية تتجاوز مجرد اختيار وسيلة التواصل، لتلامس قضايا أعمق تتعلق بالهوية الثقافية والسيادة اللغوية في الفضاء العمومي المغربي. ففي الوقت الذي يبرر فيه بعض المسؤولين استخدام اللغة الفرنسية باعتبارات وظيفية ودبلوماسية، يبرز موقف ولد الرشيد كرسالة قوية تعيد التذكير بضرورة ترسيخ استعمال العربية والحسانية، لا فقط كوسائل تعبير، بل كمكونات أساسية للهوية الوطنية. وبين الواقعية التواصلية والخيار السيادي، تبقى اللغة مرآة تعكس مواقف ومرجعيات سياسية وثقافية لا يمكن فصلها عن السياق التاريخي والاجتماعي للمغرب، خاصة في أقاليمه الجنوبية ذات الحساسية الرمزية العالية.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة