بدر شاشا
الآية الكريمة من القرآن تقول: وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ (سورة الأنبياء: 30). هذه الآية تلخص ببلاغة معجزة خلق الحياة من الماء، وتؤكد على أهمية الماء كمصدر أساسي لكل حياة على الأرض.
الماء هو أساس الحياة، وبدونه تنعدم كل أشكال الحياة على وجه الأرض. في المغرب، يعد الحفاظ على الموارد المائية ضرورة قصوى، ليس فقط لضمان استمرار الحياة، ولكن أيضًا لضمان استمرار النمو الاقتصادي والتنمية المستدامة. فالموارد المائية هي أغلى ما نملك، ويجب علينا حسن تدبيرها للحفاظ عليها للأجيال القادمة.
المغرب يواجه تحديات كبيرة فيما يتعلق بالموارد المائية. فمن جهة، يعاني من قلة الموارد المائية الطبيعية نتيجة الموقع الجغرافي والمناخ الذي يتسم بشبه الجفاف في كثير من المناطق. ومن جهة أخرى، يزداد الضغط على هذه الموارد نتيجة التوسع العمراني والزراعي، وزيادة عدد السكان، والتغيرات المناخية التي تزيد من احتمالات الجفاف وشح المياه.
إن الإدارة الجيدة للموارد المائية تتطلب تخطيطاً استراتيجياً بعيد المدى. ويجب أن يرتكز هذا التخطيط على الاستخدام الأمثل للمياه المتاحة، وتقليل الهدر في مختلف القطاعات. في الزراعة، مثلاً، التي تستهلك النسبة الأكبر من الموارد المائية، يجب التوجه نحو التقنيات الحديثة مثل الري بالتنقيط، وإعادة استخدام المياه المعالجة، والاعتماد على المحاصيل المقاومة للجفاف. وفي القطاع الصناعي، يجب تطبيق ممارسات تقلل من استهلاك المياه وتزيد من كفاءة استخدامها.
وللحفاظ على هذه الموارد الحيوية، يجب أن يكون هناك وعي مجتمعي عميق بأهمية الماء. لا بد من تغيير السلوكيات اليومية المتعلقة باستخدام الماء، سواء كان ذلك في المنزل أو في العمل. الترشيد في الاستهلاك يجب أن يصبح جزءاً من ثقافتنا اليومية، ويجب أن ندرك أن كل قطرة ماء نحافظ عليها تساهم في بناء مستقبل أفضل لأطفالنا.
يجب تعزيز الجهود في مجال البحث العلمي والابتكار لتطوير تقنيات جديدة تساعد على استدامة الموارد المائية. كما أن التشريعات والقوانين التي تحمي هذه الموارد من الاستنزاف يجب أن تكون صارمة وتطبق بحزم، مع تعزيز الرقابة على الاستخدامات غير القانونية للمياه.
الحفاظ على الموارد المائية ليس مجرد واجب وطني، بل هو التزام أخلاقي تجاه الأجيال القادمة. فالماء هو الحياة، وحسن تدبيره هو مفتاح لضمان استمرار هذه الحياة. إذا لم نتخذ الخطوات الضرورية الآن، فإننا نعرض مستقبلنا ومستقبل بلادنا لخطر شديد. فالماء، بحق، أغلى من كل شيء.