أفاد تقرير حديث بأن المغرب سيكون المستفيد الرئيسي من تحول أوروبا نحو الوقود الأخضر، حيث تطرح المملكة نفسها كمصدر مهم للتزود بهذا النوع من الوقود بالنسبة إلى السفن المبحرة من وإلى الاتحاد الأوروبي، وهو ما سيمكنها من إكمال رحلاتها بأقل عدد من التوقفات للتزود بالوقود، نظرا إلى موقع المغرب الاستراتيجي.
أوضح تقرير صادر عن منظمة النقل والبيئة، بشراكة مع مبادرة «إمال» للمناخ والتنمية، أنه نظرا إلى اعتماد السفن حاليا على الوقود الأحفوري فإنها تبقى قادرة على قطع مسافات طويلة دون الحاجة إلى التوقف المتكرر للتزود بالوقود، مضيفا أن التحول العالمي نحو «الوقود الأخضر» ذي الكثافة الطاقية المنخفضة، مقارنة بالوقود التقليدي، سيفرض على هذه السفن توقفات متكررة للتزود بالوقود. وتابع التقرير أن هذا الوضع الجديد سيمثل فرصة للمغرب لزيادة دوره كمركز رئيسي لتزويد السفن بالوقود، خصوصا في ظل التوقعات التي تشير إلى أن الوقود الأخضر سيشكل 80 في المائة من الاستهلاك الطاقي للسفن المبحرة من وإلى الاتحاد الأوروبي بحلول عام 2050.
وخلص التقرير إلى أن المرور عبر المغرب للتزود بالوقود سيشكل استراتيجية فعالة لغالبية السفن، لزيادة «استقلاليتها التشغيلية» عند الإبحار بين أوروبا الغربية وشرق آسيا، مضيفا أن هذا الأمر مشروط بتزود هذه السفن بالوقود على مرتين، بشرق آسيا ثم بالمغرب، وهو ما سيمكن من زيادة قدرتها على قطع مسافات أطول بـ26 في المائة عند التزود بـ«الأمونيا» و8 في المائة عند التزود بـ«الميثانول»، دون الحاجة إلى التزود في أي مكان آخر.
وأوضح التقرير أن المنظمة البحرية الدولية (IMO) قد شرعت في وضع قواعد بيئية جديدة للشحن البحري، وهو ما سيؤدي إلى خلق تنافس بين الدول في المنطقة، للحصول على حصة من سوق الوقود الجديد.
فرصة اقتصادية للبلاد
من المتوقع أن يخلق هذا الوضع الجديد تحولا كبيرا في دور المملكة في سوق تزويد الوقود البحري للسفن العابرة بين أوروبا وشرق آسيا، حيث أظهرت مبيعات الوقود لعام 2023 أن المغرب كان الدولة التي قامت بتزويد أقل كمية من زيت الوقود الثقيل وزيت الوقود منخفض الكبريت، من بين أفضل 16 موقعا لإنتاج الوقود. وبالتالي، فإن أي تغيير في أنماط تزويد الوقود يمكن أن يمثل فرصة اقتصادية كبيرة للبلاد.
وأوضح التقرير ذاته أن دور المغرب المستقبلي في هذا المجال سيعززه نهج المملكة في جذب الاستثمارات بمجال الطاقات المتجددة، مضيفا أن خطة إنتاج الهيدروجين الأخضر في البلاد التي بدأت في عام 2020، تهدف إلى إنشاء سعة قدرها 4 جيغاواط من الهيدروجين الأخضر بحلول عام 2030.
وأبرز أن الاستراتيجية تدعم بشكل قوي الإنتاج المحلي للأمونيا، والتي عكف المغرب على استيرادها لتلبية احتياجاته الزراعية. وتابع أن المغرب يهدف إلى إنتاج 0.67 مليون طن من الهيدروجين بحلول عام 2030، مع تصدير 0.22 مليون طن سنويا إلى الاتحاد الأوروبي.
ولفت التقرير إلى أن المشاريع المعلن عنها حاليا بلغت 0.05 مليون طن سنويا، مؤكدا أن هذا المعطى يوضح عجزا كبيرا بين ما تم الإعلان عنه وبين التقدم المحقق.
مشاريع غير مضمونة
حذرت منظمة النقل والبيئة (T&E) في دراسة جديدة من أن ما يقرب من 4 في المائة من عمليات الشحن الأوروبية يمكن أن تعمل بالوقود الإلكتروني الأخضر بحلول عام 2030، لكن ثلث هذه المشاريع فقط مضمونة، مما يعرض طموحات المناخ في أوروبا للخطر.
وتظهر دراسات T&E لمشاريع الهيدروجين الأخضر في جميع أنحاء أوروبا، أن حوالي 4 في المائة من الشحن الأوروبي يمكن أن يعمل بالوقود الإلكتروني الأخضر بحلول عام 2030. ومع ذلك، وجد التحليل الجديد أن ثلثي هذه المشاريع معرضة للخطر، حيث تخشى إمدادات الوقود من نقص الطلب.
يعني هذا أن ثلث مشاريع وقود الشحن الأخضر الأوروبية مضمونة فقط. ووفقا لدراسة منظمة النقل والبيئة، يبدو أن إمدادات الوقود مترددة في الالتزام ماليا بالمشاريع، دون مزيد من الضمانات بأنه سيكون هناك طلب على هذا الوقود في المستقبل القريب. وهذا يترك الغالبية العظمى من المشاريع معرضة لخطر عدم البدء مطلقا في هذا العقد، مما يعرض طموحات المناخ في أوروبا وآلاف الوظائف للخطر.
وعلى الصعيد العالمي، تشير التقديرات إلى أن الشحن الأخضر يمكن أن يخلق 4 ملايين فرصة عمل جديدة بحلول عام 2050. وقالت إنيسا أوليتشينا، مسؤولة الشحن بالمنظمة، إن «مشاريع الهيدروجين تظهر في جميع أنحاء أوروبا. ولديها القدرة على تشغيل القطاعات التي يصعب إزالة الكربون منها، مثل الشحن وتوفير الآلاف من فرص العمل الجيدة، لكن في الوقت الحالي لا يوجد ما يكفي من اليقين ونخاطر بضياع هذه الفرصة الذهبية».
وتُظهر الخطط التي أجرتها (T&E) أن هناك ما لا يقل عن 17 مشروعا في جميع أنحاء أوروبا، تم إنشاؤها لتوفير الوقود المعتمد على الهيدروجين للسفن، والذي يمكن أن يلبي 4 في المائة من إجمالي الطلب على الطاقة في الشحن الأوروبي بحلول عام 2030، إذا أصبحت جميعها جاهزة للعمل.
نقص في تمويل المشاريع
وجدت منظمة النقل والبيئة أن 44 مشروعا آخر للهيدروجين في أوروبا يمكنها أيضا توفير الوقود الأخضر للسفن، لكن مطوري المشاريع يتطلعون إلى صناعات أخرى متعطشة للهيدروجين أيضا.
وأوضحت المنظمة أن المشاريع المعينة ستلبي بسهولة هدف الاتحاد الأوروبي المتمثل في 2 في المائة من الوقود الإلكتروني الأخضر في عام 2034، ومع ذلك، فإن معظم المشاريع لم تحصل بعد على التمويل، ولم يتم تشغيل مشروع واحد مخصص للشحن. وتمثل الدانمارك وحدها أكثر من نصف إجمالي كميات الهيدروجين المخطط لها، عبر 61 مشروعا حددتها المنظمة. ولكن في ما يتعلق بالوقود المخصص للشحن، فإن إسبانيا تقود الطريق وهي موطن لثلث إمدادات الوقود المحتملة. ولدى المملكة المتحدة عدد قليل جدا من المشاريع، بينما لم تجد (T&E) أي مشاريع في إيطاليا واليونان.
ويشير تحليل (T&E) إلى أن الأمونيا، على المدى الطويل، تبدو الخيار الأكثر شيوعا، حيث تشكل 77 في المائة من الكميات المحتملة. لكن حتى الآن، لم يحصل أي من هذه المشاريع على قرار استثماري نهائي. وأوصت T&E بأن تفرض الدول الأعضاء ما لا يقل عن 1.2 في المائة من وقود الشحن على أن يكون وقودا إلكترونيا بحلول عام 2030، على النحو الموصى به في قانون الوقود الأخضر للاتحاد الأوروبي(RED III) ، لأن هذا من شأنه تأمين جميع المشاريع الحالية التي تلقت بالفعل التمويل والسماح بمزيد من المشاريع للوصول إلى القرار الاستثماري النهائي.
عن جريدة الاخبار