القطاع الصحي الخاص في المغرب: أرباح مرتفعة تدفع الأطباء إلى العزوف عن القطاع العام لفتح عيادات خاصة بهم انتشار هائل للعيادات الخاصة بالمغرب

هيئة التحرير31 أكتوبر 2024آخر تحديث :
القطاع الصحي الخاص في المغرب: أرباح مرتفعة تدفع الأطباء إلى العزوف عن القطاع العام لفتح عيادات خاصة بهم انتشار هائل للعيادات الخاصة بالمغرب

بدر شاشا

تشهد القطاعات الصحية الخاصة في المغرب ازدهارًا واضحًا وتزايدًا مستمرًا في الطلب على خدماتها، حيث أصبحت العيادات الخاصة مقصداً مهماً للعديد من المواطنين الذين يبحثون عن رعاية صحية سريعة وفعالة. هذا التوجه نحو العيادات الخاصة فتح أمام الأطباء فرصًا مهنية واقتصادية كبيرة، حيث يتمتع الأطباء العاملون في القطاع الخاص بدخل شهري وسنوي مرتفع، يتجاوز في كثير من الأحيان ما يحصل عليه نظراؤهم في القطاع العام. إن مداخيل الأطباء في القطاع الخاص، وخاصة في التخصصات المطلوبة كطب القلب وطب الأسنان، تصل إلى مستويات مرتفعة تضعهم ضمن الفئات ذات الدخل العالي، ما يعزز جاذبية هذا القطاع ويسهم في استقطاب المزيد من الأطباء العاملين في المستشفيات العامة الذين يسعون لتحسين مستوى معيشتهم.

تجد الكثير من الأطباء العاملين في القطاع العام يعملون في الوقت نفسه في عيادات خاصة بعد انتهاء دوامهم الرسمي، حيث يحرص هؤلاء الأطباء على استغلال وقتهم الإضافي لكسب دخل إضافي من القطاع الخاص، لا سيما وأن الأجور المقدمة في القطاع العام تكون في كثير من الأحيان غير كافية لمستوى المعيشة الحالي. يفضل هؤلاء الأطباء العمل بعد ساعات دوامهم الرسمية في عيادات خاصة تقدم مداخيل عالية، إذ يتيح لهم هذا التوجه فرصة لزيادة عوائدهم الشهرية وتحسين أوضاعهم المادية، وبالتالي تحقيق توازن أكبر بين جهودهم المهنية وعوائدهم المالية. يستفيد هؤلاء الأطباء من تزايد الطلب على خدمات القطاع الخاص، مما يسمح لهم بتوسيع قاعدة عملائهم وزيادة أرباحهم الشهرية بشكل مستمر.

كما أن هناك شريحة من الأطباء التي قررت اتخاذ خطوة أكثر جرأة، وهي ترك وظائفهم في القطاع العام نهائيًا وافتتاح عيادات خاصة، حيث يرون في ذلك فرصة لامتلاك مشاريعهم الخاصة والاستقلال المالي. هذا الانتقال إلى القطاع الخاص يكون غالبًا مدفوعًا برغبة الأطباء في تحسين مداخيلهم وفي نفس الوقت بناء سمعة طبية راسخة من خلال تقديم خدمات ذات جودة عالية تستقطب المرضى من مختلف المناطق. فالأرباح الكبيرة التي يمكن أن يحققها الأطباء في القطاع الخاص تغري العديد من الأطباء العاملين في القطاع العام بالاستقالة والتفرغ لإدارة عياداتهم الخاصة، مما يسمح لهم بإدارة وقتهم بكفاءة وتحقيق دخل يفوق بكثير ما يحصلون عليه في الوظائف الحكومية.

يتزايد هذا الاتجاه خصوصًا في المدن الكبرى مثل الدار البيضاء والرباط وفاس ومراكش، حيث يتزايد الطلب على الرعاية الصحية الخاصة بسبب الكثافة السكانية وارتفاع مستوى المعيشة. ففي هذه المدن، يتمكن الأطباء من بناء قاعدة واسعة من العملاء وتحقيق مداخيل شهرية مرتفعة بفضل الإقبال المتزايد على العيادات الخاصة. وتشمل هذه المداخيل الزيارات الاستشارية والفحوصات الطبية والإجراءات التجميلية والخدمات الأخرى التي تقدمها العيادات الخاصة. بالإضافة إلى ذلك، تتعدد التخصصات الطبية التي تحقق أرباحًا كبيرة، إذ أن أطباء الأسنان وأطباء القلب وأطباء الأطفال يمثلون نموذجًا واضحًا للأطباء الذين يحققون مداخيل مرتفعة نظرًا لكثرة طلب الخدمات الطبية في هذه المجالات.

أما بالنسبة للأطباء الذين قرروا الاستمرار في العمل في القطاع العام وفي الوقت ذاته العمل في القطاع الخاص، فإنهم يشكلون نسبة لا بأس بها من العاملين في المجال الطبي. هؤلاء الأطباء يسعون لتحقيق توازن بين رسالتهم المهنية في القطاع العام وتلبية متطلبات الحياة المعيشية من خلال مداخيل القطاع الخاص، حيث يفضل البعض البقاء في وظائفهم الحكومية لأسباب تتعلق بالاستقرار الوظيفي والاستفادة من مميزات التأمين الاجتماعي، ولكن في الوقت ذاته لا يتخلون عن فرصة تحسين دخلهم من خلال العمل في عيادات خاصة بعد انتهاء دوامهم الرسمي.

تحقيق الأرباح المرتفعة في القطاع الصحي الخاص يعزز من جاذبية هذا المجال، حيث يعتبر امتلاك عيادة خاصة استثمارًا ناجحًا من الناحية المالية، إذ يستطيع الطبيب تحقيق عائد سريع ومستمر من العيادة، مما يجعله يتطلع لتوسيع خدماته وتطوير عيادته باستمرار لاستقطاب المزيد من المرضى. وتشهد العيادات الخاصة استثمارًا ملحوظًا في العديد من التخصصات التي تقدم خدمات متنوعة تلبي احتياجات المواطنين، وتساهم هذه العيادات بشكل فعال في تحسين مستوى الرعاية الصحية المتاحة، ما يجعلها أحد المحاور الأساسية التي يعتمد عليها النظام الصحي في المغرب.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة