المعارضة السياسية بمفهومها العام عمل أخلاقي يستدعي توفر شروط وصفات ؟

هيئة التحرير28 يوليو 2022آخر تحديث :
المعارضة السياسية بمفهومها العام عمل أخلاقي يستدعي توفر شروط وصفات ؟

لاشك أن السياسة هي عمل احترافي يعيش الإنسان من أجلها ، وليست مهنة يعتاش الإنسان منها ، وبوصفها مهنة لها صفات نفسية واجتماعية، لن يكون السياسيّ من دونها سياسيًّا، بل مجرد “مقاول” ، حيث سيكون هذا التقديم هو الفكرة التي سينطلق منها مقالنا لفهم عيوب وأخطاء المعارضة داخل المجالس المنتخبة بجهة الداخلة وادي الذهب ، بغية حمل تلك المعارضة على تجاوز جانبٍ من محنتها التي يعانيها المواطن خلال هذه الفترة وبعدها ؟

إن لكل اتجاه سياسي إيجابيات وسلبيات تتمثل في مدى إلتزام السياسي بالشروط الأساسية لعمله والصفات التي يجب أن يتحلى بها ، إذ لا بدّ أن تتحقق في أي سياسيّ حتى يستطيع القيام بمهماته على أكمل وجه ممكن، ويتمكن من خدمة قضيته التي انتدب نفسه لها ، بأفضل ما يستطيع ، ومن دون هذه الشروط وتلك الصفات ، التي تشكل ماهيّة السياسيّ الفعّال أو المعارض ، فإنه سرعان ما يتحول بالضرورة، إلى عبء على قضيته، والمؤسسات التي يدافع عنها ، و كثيرًا ما يتحوّل إلى محامٍ يتكسّب من مصائب موكّله ، ولا نبالغ إذا قلنا إن غالبية المعارضين الجدد بمجلسنا المنتخبة لديهم شعور بأن عددًا كبيرًا منهم يشبهون ذلك المحامي الذي يقتات على معاناة موكله !

إن الشروط التي يجب أن تتوافر في السياسي المعارض هو أن يكون “مستقلًا اقتصاديًا عن الموارد التي بإمكان السياسة أن توفرها له” ، وهذا يعني من جملة ما يعنيه أن الشخص غير المستقل اقتصاديًا ، ولا يستطيع أن يعيل نفسه من جيبه الخاص، هو -بكل بساطة- شخصٌ “غير حرّ”، عندما يعمل في المجال السياسيّ ، وهناك احتمال كبير أنه سيتبع من يدفع له ، ولذلك يُنتظر ممن يريد العمل في السياسة أن يؤمّن دخله الشخصي بنفسه.

أن لا يكون السياسيّ من دونه سياسيًا هو “التفرغ التام” للقضية التي يتبناها السياسيّ وينذر نفسه للدفاع عنها ، وهذا يعني أن المطلوب من السياسي المعارض أن يكون مستقلًا اقتصاديًا ، وألّا يعمل أي عمل آخر يستغرق وقته اليومي ، أي يجب أن يكون من ميسوري الحال الذين لديهم دخل اقتصادي ثابت بشكل مسبق: “معمل، عقار، شركة، راتب تقاعد،.. إلخ )، بحيث يستطيع التفرغ بشكل كامل لعمله السياسي .

أما بخصوص الصفات “الحاسمة” والتي تعتبر جوهرية لأي شخص يريد أن يعمل بالسياسة، فهي: “الشغف، الشعور بالمسؤولية، وبُعد النظر”.

فالشغف هو الانكباب على قضية حتى تصبح هاجسًا يسيطر على المرء ، بحيث تأكل وتشرب معه كل يوم ، بل كل ساعة، غير أن الشغف لا يصنع سياسيًا ، إلا إذا اقترن بـ “الشعور بالمسؤولية” نحو قضية معينة.

بُعد النظر”، والذي يعد إحدى “الصفات الحاسمة” التي تجعل من المعارض السياسيّ سياسيًا ، لأنها تساعده في أمر هو في غاية الأهمية بالنسبة إليه ، ونقصد به إيجاد “المسافة” التي على المرء أن يباعد من خلالها بين عقله وأحاسيسه من جهة ، وبين الوقائع والأحداث والناس من جهة ثانية ، فالشغف من دون بُعد النظر سيحوّل السياسيّ المعارض إلى سياسيّ “عقيم”، وشخص يدور بشكل عدمي داخل انفعالاته السياسية، على الرغم من حسن نياته.

ما نريد أن نقوله في النهاية أنّ المعارضة بمجالسنا المنتخبة ليست جدّية بما فيه الكفاية ، بل ليست إنسانية ، ولم ترتقِ إلى مستوى تضحيات المواطنين ، وهذا يعني أنها أصبحت عبئًا على الساكنة والناس أجمعين ، وعليها إما أن تصلح نفسها بشكل جذري ، وهي -مع الأسف- غير مهتمة بذلك ، وإما أن ترحل وتترك المواطن يواجه مصيره بنفسه دون أن ينصب أحدهم نفسه مدافعا عن تطلعات الساكنة وهو في الأساس لا يبحث إلا عن موطئ قدم داخل المنظومة السياسية المحلية ولفت الإنتباه لحاله والزيادة في رصيده البنكي عله يؤمن مستقبله المتهالك !!

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة