امبارك حمية.. صوت البحر في البرلمان ومهندس التوقيت الدقيق في معارك التنمية

هيئة التحرير13 نوفمبر 2025آخر تحديث :
امبارك حمية.. صوت البحر في البرلمان ومهندس التوقيت الدقيق في معارك التنمية

بقلم : الصغير محمد

في زمن تتداخل فيه الأصوات وتتناسل التصريحات، يبرز اسم امبارك حمية كاستثناءٍ هادئ في المشهد السياسي الجهوي والوطني. فهو لا يتحدث كثيراً، لكنه حين يفعل، يبدو كما لو أن الجغرافيا كلها تصغي إليه: من البرلمان في الرباط إلى أعماق البحر في لمهيريز، حيث ينتظر المهنيون وعمّال البحر بوصلة التنمية الحقيقية.

في آخر تحركاته البرلمانية، وجّه حمية سؤالاً مباشراً إلى وزير التجهيز والماء نزار بركة، داعياً إلى تسريع استكمال أشغال ميناء لمهيريز، المشروع الذي يرى فيه ركيزة لتحريك الدورة الاقتصادية في عمالة أوسرد، وبوابةً لتوازن جديد في المنطقة الحدودية نحو الكركرات.
لكن حديث حمية لم يكن تقنياً فقط، بل اتخذ بُعداً إنسانياً حين ربط الميناء بانتظارات المهنيين، معتبراً أن البحر ليس مجرد ثروة، بل “قضية عيشٍ وكرامة” لمن جعلوا من الموج مهنة ومن الشاطئ بيتاً.

ولأن السياسة عند حمية ليست صخباً إعلامياً ولا سباقاً نحو الأضواء، فقد اختار أن يوجّه شكره للكاتبة العامة المسؤولة عن الصيد البحري زكية الدريوش على جهودها في دعم البحارة، قبل أن يلفت الانتباه إلى نقطتين حسّاستين:
أولاهما ضرورة مراجعة قرار توقيف السيبية الذي يضرّ بمعيشة مئات الأسر، وثانيتهما إعطاء مشاريع تربية الأحياء البحرية أهمية أكبر، ليس من باب المعارضة، بل من منطلق تعزيز الاستثمار وحماية الموارد في آنٍ واحد.

أسلوب حمية في مقاربة الملفات يذكّرنا بما يسمى بـ “السياسي العضوي”؛ ذاك الذي لا يتكلم إلا حين تكون للكلمات وظيفة، ولا يتدخل إلا عندما تصبح الواقعية أكثر ثورية من الشعارات. فهو من أولئك المنتخبين القلائل الذين يتحركون في أوقات محسوبة، حين تكون الحاجة ماسّة إلى صوتٍ عقلانيٍّ يربط بين التقني والسياسي، والميداني والتنموي.

وفي مشهده البرلماني الأخير، بدا واضحاً أن حمية لا يدافع عن البحارة كفئة مهنية فحسب، بل كعنوانٍ لمجتمعٍ يريد أن يجد لنفسه مكاناً في المعادلة الوطنية الكبرى.
من هنا، لا يمكن قراءة تحركاته بمعزل عن رؤيته لمنطقة أوسرد والداخلة؛ رؤية تؤمن بأن التنمية لا تُبنى بقرارات فوقية، بل بالحوار والمتابعة والإصرار على أن البحر يجب أن يُدار بعقلٍ وضميرٍ معاً.

في النهاية، يبدو امبارك حمية وكأنه اختار لنفسه موقعاً مختلفاً: لا يصيح في الساحات، ولا يساوم في الكواليس، بل يتحدث حين تكون الكلمة فعلًا في زمن الضجيج.
ولعل ذلك ما يجعل صوته مسموعاً، وسط تقدير ساكنة الداخلة و أوسرد والمهنيين بقرى الصيد البحري على حد سواء.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة