بقلم : أحمد لمرابط
في كثير من الأحيان ما تطرح الأسئلة التالية :
لماذا كل هذا الصمت تجاه أكبر عملية لتحطيم الهضاب وإقتلاع الحجارة ؟
لمصلحة من يتم التغاضي عن تجاوزات مقالع تدر الأموال على مستغليها مقابل بضع ملايين من السنتيمات لخزينة الدولة ولمالية الجماعة المتواجدة بترابها ؟
لماذا يتم تغييب المراقبة على مقالع بمثابة عناوين كبيرة لتدهور بيئي ، لعل أبرزه تحطيم الهضاب وتغيير المعالم الطبيعية ؟
هي أسئلة تتناسل بين بعض فعاليات المجتمع المدني وجل ساكنة أرياف وبوادي مدينة الداخلة ، وهي ترصد تحرك شاحنات الحجارة التي تتحول فيما بعد إلى أموال طائلة في أرصدة بعض المستغلين وجزء ليس بالقليل منه يجد طريقه إلى الجماعة التي يتم إستغلال المقالع بنفوذها الترابي .
إن مقالع الحجارة بجماعة العركوب تعيش على إيقاع الفوضى بعد أن غابت المراقبة على عمليات الاستغلال بها ، وإن وجدت فهي لاتعدو أن تكون مجرد إجراء شكلي وغالبا ما تتم خارج الإطار القانوني المعمول به وبدون احترام الشروط المنصوص عليها في القانون المنظم لقطاع استغلال المقالع ، لدرجة أن الشبهات تحوم حول الأسباب الحقيقية التي تحول دون انعقاد اللجنة الإقليمية للمراقبة ، الأمر الذي يشجع على العشوائية والاشتغال خارج الإطار القانوني قلعا ونقلا .
و تشكل وضعية مقالع الجماعة المذكورة مظهرا من مظاهر التسيب وسيادة الريع التي منحت استغلال عدد من مقالع الحجارة بضواحي الجماعة والمناطق التابعة لها ، خاصة بمنطقة كراير المحنك ، موضوع مقالنا هذا والتي تتنقل وتتسع يوما بعد يوم ؟
وازدادت الوضعية استفحالا بالجماعة بعد الطلب المتزايد على الحجارة المستعملة في عمليات البناء ، فجل الأوراش الكبرى أنجزت بصخور وحجارة المناطق التابعة لجماعة العركوب وكل طلبية حجارة تخلف وراءها دمارا بيئيا ومعاناة وأمراض كالربو و الحساسية الجلدية و أمراض العيون ، بين الساكنة التي جلها كسابة و رعاة وملاك لقطعان الغنم والإبل .
و بسبب عدم التزام بعض أرباب المقالع بما ينص عليه دفتر تحملات ، فإن الاستغلال العشوائي لهذه المقالع ، تقول مصادرنا من عين المكان أن مجموعة من الإختلالات هناك ، لعل أبرزها تغيير المعالم وكثرة الحفر ، مما يستوجب ، التدخل لإصلاح ما أفسدته شركات القلاع التي تشتغل وفق منطق الربح وتترك الكوارث بعد إنتهائها .
وقد أكدت لنا مصادر عليمة أنه بالإضافة إلى الاستغلال العشوائي لمقالع الحجارة ، هناك أيضا ، ظاهرة التوسع التي يعتبرها البعض أنها غير قانونية نظرا للتوسع الذي بات يطبع عمل الشركات المكلفة بإقتلاع الحجارة لمقالع ، مستدلين بعقد الاستغلال الذي ينص قطعا على عدد محدد من الهكتارات مثلا ، ما يجعلهم يتأكدون من ان هذه المقالع تشتغل على مساحة تتجاوز العدد المسموح به ، لتتوسع بذلك دائرة إستغلالها إلى مناطق أخرى مع ما يشكله الأمر من تهديد مباشر للرعاة وساكنة البوادي والأرياف في منطقة كراير المحنك .
المثير أن بعض المقالع تقول بعض الأصوات ، وبهدف التوسع تسلك الطريق الأخر وهو عدم الرجوع إلى طلب الإذن بالاستغلال ، بحيث يقوم أرباب هذه الشركات بمباشرة الاستغلال من دون طلب الترخيص من جديد ، الأمر الذي يعتبر تلاعبا بينا بالقانون.
كما أن غياب المراقبة الطبية يشكل عنوانا بارزا لمجموعة من المقالع التي يعيش العاملون بها أوضاعا أقل مايمكن أن يقال عنها إنها غير ملائمة ، زد على ذلك الكوارث التي قد تشكلها الحجارة المتناثرة هنا وهناك على السيارات التي تسلك الطريق الوطنية المتجهة نحو إقليم أوسرد ، ومستعملي الطريق عموما ، من دون وجود أي إشارات تحذيرية بأن هناك أشغال أو عمليات لنقل الحجارة إذاما رجعنا إلى منطقة كراير المحنك والمعروفة بالمنعرجات الخطيرة ؟
هذا وقد عبر العديد من سكان البوادي والأرياف المجاورين لهذه المقالع بمنطقة كراير المحنك ، غير ما مرة عن استيائهم من الاستغلال العشوائي و المفرط لمقالع الحجارة ، متسائلين عن سر صمت السلطات المختصة ، لاسيما وزارة التجهيز والمجلس الجماعي والمصالح الاقليمية بجهة الداخلة ؟
فلا يخلو الحديث اليوم إلا عن التساؤل عن : هل هذه الشركات تحترم بنود دفاتر التحملات ؟ وهل هناك أضرار صحية وبيئية ناجمة عن أشغال هذه المقالع ؟ ما يجعل الجهات المعنية بهذا الملف مطالبة، أكثر من أي وقت مضى ، بالإجابة عن تساؤلات المواطنين المعنيين خصوصا بمنطقة كراير المحنك ؟
وللإشارة ، فإن وزارة التجهيز مطالبة اليوم بالقيام بزيارة عاجلة لبعض المقالع لاسيما مقلع كراير المحنك المتواجد في نفوذ جماعة العركوب ، وارسال لجنة مختصة في المجال للوقوف على الأشغال هناك وإن تم رصد تجاوزات فعلى القطاع الوصي تغريم مرتكبيه .
فأمام غياب الدور الرقابي للجنة المسؤولة عن المقالع ، والجماعة المعنية ، وهي الجهات الرقابية التي تتولى عمليات المتابعة، ومراقبة مدى تطبيق القوانين والضوابط القانونية والبيئية المنظمة لعمل المقالع ، وخاصة تلك التي لا تتوفر على أي إجراء خاص بحماية البيئة، والثروة النباتية ، ما قد يشكل معضلة حقيقية أثثت مناطق عديدة على امتداد جغرافية الجهة ، وذلك بالنظر لما قد ينجم عنها من مشاكل بيئية عويصة يتسع حجمها مع توالي السنين ، وباعتبارها كذلك عنوانا بارزا لاستمرار ظاهرة الاغتناء غير المشروع من الممارسات المكرسة لاقتصاد الرِّيع ، اقتصاد ارتبط بفكرة دعه يعمل دعه يمر التي أرخت بظلالها السلبية على المجال ، بعد أن ظل استغلال المقالع بعيدا عن أعين الرقابة .
وعلى هذا الأساس ترى جمعيات مختصة في الشؤون البيئية، أن هناك العديد من المخاطر المحتملة لعدم احترام شروط السلامة، حيث تكون للمقلع تأثيرات سلبية على البيئة بوَحيشها وطيورها ونباتها وفرشتها المائية، وكذا التشقّقات التي تحدث في الأرض نتيجة للعمل الغير مؤطر ، إضافة إلى تأثير المقلع على الصحة (الرّبْوُ وأمراض الرّئة) .
واستحضارا للإطار القانوني المنظم للمقالع، نبه بعض العارفين إلى أنه قبل إنشاء المقلع يجب إنجاز بحث عمومي – ملخص باللغة العربية تعميما للفائدة – حول دراسة المقلع، لمعرفة إن كان له تأثير على الساكنة وعلى الفرشة المائية والأشجار والهواء أم لا، كما يتوجب على السلطة العمومية أن تقوم بنشر هذا البحث حتى يتسنى للساكنة قراءته بهدف الموافقة عليه ، وهو ما يقودنا إلى طرح التساؤل التالي : هل فعلا يتم وضع بحث عمومي يخص الدراسة البيئية بين يدي المواطنين بجهة الداخلة وادي الذهب بخصوص المقالع المنتشرة بمنطقة كراير المحنك؟
وأخيرا فإن الترخيص باستغلال مقلع الحجارة يُفترض أن يقام على مساحة تبعد عن الساكنة ، و أثناء الاستغلال يجب توفير وسائل ومعدات مانعة من تسرب الغبار خلال مرحلة الطحن والغربلة والشحن، كما يمنع مرورها وسط الساكنة التي يجب أن تستفيد اجتماعيا واقتصاديا عن طريق تشغيلها داخل المقلع في حالة الترخيص له، وفي نفس الإطار تقوم الجماعة القروية باستخلاص إتاوة نقدية مقابل استغلال كل متر مربع… .
يتبع …