بقلم : أحمد لمرابط
لم يكن غريبا أن تكون جهة الداخلة في مراتب متقدمة في المجال الإستثماري وإحداث المقاولات ، فحسب المعطيات المتوفرة والتي توحي بأنه الى متم سنة 2022 أكثر من 23500 شركة مسجلة بمحكمة الداخلة ، والتي يجب أن تتوفر على رقم التعريف الموحد الذي يخول لها الإنخراط في الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي !! ليطرح السؤال : ما مصير الأجراء والمستخدمين داخل هذه الشركات وهل يتم تسجيلهم بالصندوق الوطني للضمان الإجتماعي ، وهل كل هذه الشركات مسجلة بالضمان الإجتماعي أصلا ؟ أسئلة وأخرى سنحاول الإجابة عليها في مقالنا هذا ؟
لا شك أن من الأمور التي يجب التعامل بها عند إحداث شركة هو تسجيلها في الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي ، والتصريح بالأجراء عند ذات الصندوق ، فمخالفة هذا المنطق يطرحنا أمام مشكل يهم مصير الصندوق الذي يتهدده العجز.
إن مخالفة الكثير من الشركات بجهة الداخلة وادي الذهب للقانون ، تدفع المراقب للشأن العام المحلي إلى تسليط الضوء على تهرب عدد من المشغلين من التصريح بالأجراء في الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي ، وإذا كان عدد من الشركات قد سوى وضعية العاملين لديه ، إلا أن هناك العديد من العمال يشتغلون في شركات بدون ضمان إجتماعي بإعتبارهم عمالا موسميين أو بأجور مسجلة بأقل من التي يتقاضاها في الواقع ؟
فرغم حرص المشرع في ظهير 27 يوليوز 1972 على تحصين حق المؤمن لهم في الاستفادة من خدمات الضمان الاجتماعي، بجزاءات وغرامات، استمرت حالات عدم التصريح بالمستخدمين على قائمة المنازعات، ذلك أن المظالم كثيرة والجشع أو التهاون لدى المشغلين مازال متواصلا خصوصا بجهة الداخلة وادي الذهب .
وقد اعتبر المشرع مسؤولية عدم التصريح بالأجير لدى الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي تقع على عاتق المشغل ، باعتباره الملزم طبقا للفصل 15 بالانخراط وتسجيل الأجراء ، وكذلك جعله المشرع مدينا إزاء الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بمجموع واجبات الاشتراك وجعله مسؤولا عن أدائها.
وفي ذات السياق كشفت مصادر ، أن بعض أرباب العمل يتلاعبون بعدد الأجراء المصرح بهم لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، حيث يشغل مالك الشركة على سبيل المثال 100 أجير ولا يصرح إلا بـ 30 أجيرا ، والباقي يتلاعب بهم ولا يصرح بهم بشكل مستمر ودائم ، وهذه السلوكات غير المواطنة نجدها كثيرا في شركات الحراسة والنظافة وشركات الصيد البحري والفلاحة ، وغالبية القطاعات التي تشتغل بالمناولة .
وهو ما يحتم على مراقبي الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي شن حملة مراقبة لدى مقاولات القطاع غير المهيكل ، التي لا تصرح بأجرائها ويعتبرون بحكم القانون أشباحا يشتغلون دون أن يكون لهم أثر في قاعدة بيانات الضمان الاجتماعي ، ما يحرمهم من حقوقهم في التطبيب والتقاعد والتعويض عن فقدان الشغل.
ولهم أن يستعينوا بقاعدة بيانات المديرية العامة للضرائب ، إذ سيتم العثور على عشرات الآلاف من المقاولات التي تتوفر على رقم التعريف الموحد للمقاولة لكن لا يوجد لها أثر في لائحة المقاولات المنخرطة في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي ، ما سيدفع لا محال الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي إلى شن حملة مراقبة ميدانية لهذه المقاولات من أجل تحديد عدد العاملين بها وإجبار أصحابها على التصريح بأجرائهم في الضمان الاجتماعي ، فهذا الوضع يمكن محاربته من طرف الدولة عن طريق توحيد المعطيات التي تتوفر عليها جل المؤسسات العمومية وإحداث أرضية معلوماتية موحدة ، تمكننا من القطع مع جميع السلوكات السلبية التي تسيء للاقتصاد المحلي بالجهة ، وتوفر لنا معطيات صحيحة .
من جهة أخرى على الدولة أن تتحمل مسؤوليتها مستقبلا كي لا تسمح بمثل هذه الخروقات والتلاعبات ، بتخويل مفتشي الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي ومفتشي وزارة التشغيل الصفة الضبطية ، لأنه اليوم رغم أن مفتشي الشغل يضبطون هذه الخروقات ويرفعون تقريرا بشأنها للسلطات القضائية ، فإن تقريرهم لا تكون له أي قيمة ويمكن لرئيس المحكمة أن يأخذ به أو لا يأخذ به.
يشار إلى أن إدريس جطو رئيس المجلس الأعلى للحسابات سبق له في 2018 أن أماط اللثام عن معطيات خطيرة تتعلق بمصير مئات الآلاف من الأسر التي تستفيد من التغطية الصحية التي يوفرها الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، حيث أكد أن الوضعية المالية للصندوق لا تبشر بالخير وتسير نحو الهاوية.
فلايخفى على أحد أن عدم تحويل الاشتراكات للصندوق يدخل ضمن مجموعة من المخالفات المرتبطة بمجال التصريح بالأجور وأداء الاشتراكات ، والتي تتعلق أساسا بعدم التصريح بالأجراء أو نقص في قيمة التصريح ، سواء من عدد أيام العمل الفعلية المصرح بها ، أو قيمة الأجور المصرح بها، وعدم أداء الاشتراكات مع الاحتفاظ بصفة غير قانونية بمبالغ الاشتراكات المقتطعة من أجور العمال ، وعدم تحويلها للصندوق ، إذ أن هناك عدد من المستخدمين في مقاولات مختلفة متدمرون من عدم تسجيلهم في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي ، مما يعد انتهاكا صريحا لحقهم القانوني في الحماية الاجتماعية عبر التصريح بهم لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.
وفي الأخير يبقى السؤال المطروح :
ماهي الإجراءات التي سيتم اتخاذها للحد من ظاهرة التهرب من تسجيل المستخدمين بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بجهة الداخلة وادي الذهب ؟ وما مصير الديون المتراكمة في ذمة الكثير من الشركات بإعتبارها إقتطاعات شهرية يقوم بها الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي لفائدة الأجراء المسجلين ؟
أسئلة سيبقى معلقة تنتظر الإجابة !!