في لحظة بدت عابرة لكنها تحمل دلالات عميقة، شهد المدخل الشمالي لمدينة الداخلة على مستوى مدار تاورطة الجديد حادثة سير أسفرت عن إصابة السائق بجروح طفيفة. حادث بسيط ظاهريًا، لكنه يكشف، في جوهره، عن مشكل انعدام شبه تام للإشارات المرورية .
فبينما تحرص المؤسسات الرسمية على تقديم مشاريع البنية التحتية باعتبارها إنجازات تنموية، يبرز غياب التشوير الطرقي بالمدارات الحديثة كأحد تجليات «فجوة التنفيذ» بين التصور والخدمة الفعلية لمستعملي الطريق. هذا الغياب لا يهدد فقط سلامة الأفراد، بل يطرح سؤال المسؤولية العمومية: من يضمن أن المشروع الممول من المال العام يحقق شروط السلامة قبل تدشينه؟
تدخل عناصر الدرك الملكي السريع بعد الحادث يؤكد الجانب الأمني والوقائي للدولة، لكنه في المقابل يسلط الضوء على قصور آليات المراقبة القبلية، أي قبل أن تتحول الطريق إلى مسرح خطر على الأرواح. الحادثة بهذا المعنى ليست استثناءً بل عرضًا من أعراض مشكلة أعمق: افتقاد للتشوير الطرقي بالمدارات الحديثة .
إن النقاش حول حادثة تاورطة يجب ألا يتوقف عند حدود الإجراءات التقنية أو الدعوة إلى وضع إشارات مرورية إضافية، بل أن يمتد إلى مساءلة القائمين على تهيئة المشاريع الطرقية بالمدينة ، والانتقال من منطق «التدشين» إلى منطق «المسؤولية والمحاسبة»، حتى لا تتحول التنمية إلى مجرد عنوان بلا مضمون.