أشعل تصريح قوي لوزير الداخلية المغربي، عبد الوافي لفتيت، تحت قبة البرلمان، نقاشاً واسعاً داخل الأوساط السياسية والإعلامية، بعدما وجه إنذاراً مباشراً لكل من تجرأ على نهب المال العام أو الاستيلاء على أراضٍ دون وجه حق. فقد قالها الوزير بصراحة غير معهودة:
“اللي دا شي أرض أو شي درهم ماشي ديالو، أحسن ليه إردها قبل ما نوصلو معاه للخزيت.”
بهذه العبارة الصريحة، وضع لفتيت يده على أحد أكثر الملفات سخونة بالمغرب: ملف الفساد وتبديد المال العام.
وزير الداخلية، المعروف بهدوئه وصرامته، تخلى هذه المرة عن لغة الإدلرة ، وفضّل الحديث بلغة الشارع التي يفهمها الجميع، ليبعث رسالة واضحة مفادها أن عهد التساهل انتهى، وأن الدولة عازمة على محاسبة كل من خان الأمانة أو استغل موقعه للإثراء غير المشروع.
تصريح لفتيت لم يكن مجرد جملة عابرة، بل مؤشراً على تحوّل في الخطاب الرسمي، يؤكد أن زمن الوعود قد ولّى، وأن مرحلة ربط المسؤولية بالمحاسبة دخلت طور التنفيذ، انسجاماً مع روح الدستور ومبادئ الحكامة الجيدة.
ومع ذلك، فإن الشارع المغربي، رغم ترحيبه بنبرة الوزير الصارمة، يتطلع إلى ما هو أبعد من التصريحات، إذ يطالب بترجمة هذه الرسائل إلى إجراءات ملموسة، تضع حداً لسنوات من الفوضى التي عرفها تدبير العقار العمومي ومشاريع التنمية المحلية.
ويرى المتابعون أن نجاح هذه المرحلة يتطلب:
فتح تحقيقات جدية في ملفات التجزئات المشبوهة والعقارات المفرغة بطرق ملتوية.
تعزيز الشفافية في تدبير أملاك الدولة والجماعات الترابية.
تفعيل المساءلة القضائية ضد كل من تورط في تبديد المال العام.
حماية المبلغين عن الفساد وتشجيع ثقافة النزاهة والمسؤولية.
لقد كان تصريح لفتيت دعوة إلى الضمير الوطني بقدر ما كان تحذيراً من العقاب، فحين قال: “أحسن ليه يردها قبل ما نوصلو معاه للخزيت”، فإنه تحدث باسم كل مغربي غيور على وطنه وماله العام، وباسم دولة قررت أن تضع النقطة في آخر سطر الفساد.
ويبدو أن وزارة الداخلية، بقيادة عبد الوافي لفتيت، قد فتحت فعلاً صفحة جديدة في معركة استرجاع الثقة بين المواطن والدولة، والكرة اليوم في ملعب التنفيذ، حتى يشعر المواطن أن زمن الإفلات من العقاب قد انتهى فعلاً، لا قولاً.













