بقلم : أحمدو بمبا
إن القراءة المتأنّية للمشهد السياسي الإقتصادي والإ جتماعي العام في المغرب ، يؤكد بما لا يدع مجالا للشك ، أن البلد يعيش لحظة استثنائية حُبلى بالمتغيرات ، وأن ارهاصات التغيير الجذري اصبحت تلوح في الأفق مبشّرة بحقبة جديدة لم يألفها المغاربة من قبل ، فالمعطيات الحالية تشير إلى أن حجم التململ الشعبي والإحباط من الواقع المر ، بلغ الحد الحرج الذي قد يدفع بالأوضاع نحو مآلات لم يكن يتوقعها أحد ، وهذه النتيجة متوقعة عندما نشاهد المواطن البسيط محدود الدخل يئن بألم تحت وطأة الأسعار وغلاء المعيشة ، ونشاهد الخدمات العامة تتردى يوما بعد يوم ، ودائرة الفقر تتسع ، والثروة تتكدّس بيد قلة قليلة من المتنفذين الحاليين والقدماء على حد سواء.
إن حكومة أخنوش حاليا ، إما أنها تغضّ الطرف عن الوضعية المزرية التي آل إليها البلد ، أو أنها عاجزة عن مواجهتها ، وفي كلتا الحالتين تظل مسؤوليتها عن ذلك قائمة ، ويتأكد للجميع أن تعهداتها مجرّد جعجعة بلا طحين ، وأنها ابن شرعي للحكومات التي سبقتها ، تستنسخ ممارساتها وافعالها بنفس الكم والكيف ، فبدلا من أن تبني وتعمّر وتحقق ما يصبو إليه المواطن ، تواصل جرّ البلاد نحو مستنقع الفساد والتسيب والتسيير الرديء للموارد الاقتصادية والمضاربات في الأسعار .
لهذه الأسباب وغيرها، أقول وبكل ثقة، أن حكومة أخنوش باتت اليوم على شفا جرف هار ، فهي إما أن تنزلق نحو الفوضى التدبيرية ، وهو خيار لا يريده أحد وليس في مصلحة أحد ، أو تسلك درب التغيير والتعديل في السياسات المُفضية للإصلاح .
أما أن يستمر الحال على ما هو عليه لسنين أخرى ، فلم يعد أمرا ممكنا أو في حكم الوارد، لأن المواطن وصل إلى ذروة التحمل، واصبح أكثر وعيا بضرورة تغيير الواقع المعاش ، ومن شُبه المستحيل إقناعه مرة أخرى بالشعارات الجوفاء والوعود الفارغة.
ما قد يدفع جيل الشباب الحالي والنخبة المثقفة التي لم تتلطخ أيديها بالحقوق ، أن تلتف جميعها حول رؤية شاملة لتصحيح مسار الحكومة وتخليصها من الاختطاف الرأسمالي ، على أن تعمل من أجل تحقيق ما يطلبه المواطن ويتمناه لا أن يتم وضع رتوش تجميلية ، يتم فيها وضع مساحيق تزينية لواقع متأزم ؟
فالحكومة مدعوة اليوم الى أن تبنى مشروع إصلاحي مدني متكامل ، يلامس إنتظارات المواطن ، و في تقديري أننا جميعا كمواطنين مغاربة مسؤولون – كل حسب موقعه – عن توجيه الحكومة نحو ما يخدم مصالح بلدنا وينقذها من وَحل الضياع قبل أن تصل الأوضاع فيه إلى نقطة اللاعودة.