هل يشير التواجد المتزامن للأحزاب في الأقاليم الجنوبية لبداية صراع انتخابي محتدم؟

هيئة التحرير21 سبتمبر 2025آخر تحديث :
هل يشير التواجد المتزامن للأحزاب في الأقاليم الجنوبية لبداية صراع انتخابي محتدم؟

الجنوب المغربي لم يعد مجرد رقعة جغرافية أو منطقة استراتيجية، بل أصبح اليوم مسرحًا لتنافس سياسي مبكر، يختبر فيه الأحزاب الكبرى قدرتها على فرض وجودها، وقياس قوة نفوذها، قبل أن تشتعل المواعيد الرسمية للانتخابات. المشهد الأخير، الذي شهد حضور التجمع الوطني للأحرار في جهة الداخلة وادي الذهب، وتزامن معه لقاء حزب الاستقلال في نفس الفترة بمدينة السمارة، بالإضافة إلى التحرك الجماهيري للاتحاد الاشتراكي بقيادة إدريس لشكر في بلدية المرسى، ليس حادثًا عابرًا. إنه إعلان صريح أن الأحزاب بدأت مرحلة التسخين المبكر، محاولة رسم خرائط النفوذ الجديدة، واستباق أي فرص قد تمنحها اللوائح القادمة للخصوم.

التزامن في التحرك هنا يحمل أكثر من دلالة؛ فهو يشير إلى وعي استراتيجي مشترك بأن الجنوب أصبح اليوم مفتاحًا لفهم المشهد السياسي الوطني. التجمع الوطني للأحرار يبحث عن تعزيز صورته كحزب قيادي، محاكي للسياسات الحكومية، قادر على تقديم الإنجازات الملموسة للمواطنين، بينما يسعى حزب الاستقلال إلى تثبيت وجوده التاريخي في هذه المناطق، متسلحًا بقاعدته التقليدية، أما الاتحاد الاشتراكي، فاختار المرسى كرمز لعودة الفعل الجماهيري، محاولًا استعادة مساحة الرأي العام التي فقدها خلال السنوات الماضية.

الرسائل الموجهة هنا مزدوجة: داخليًا، تظهر هذه التحركات قدرة الأحزاب على الارتباط بالمواطنين وتقديم نفسها كطرف فعال في التنمية والمشاريع المحلية؛ وخارجيًا، ترسل رسالة واضحة عن جدية القوى السياسية في حماية المكتسبات الوطنية في الجنوب، وإظهار أن الأقاليم الجنوبية ليست مجرد هامش، بل حلبة مركزية لممارسة السياسة والاختبار الوطني للشرعية والقدرة على إدارة التعددية المحلية.

أما التوقيت، فهو ليس صدفة. فالسنة التي تسبق الانتخابات تشكل دائمًا فرصة لإعادة التموضع، واستثمار المشاريع الكبرى، وجذب النخب المؤثرة قبل وضوح اللوائح النهائية. وهذا يجعل التزامن في التحركات خطوة مدروسة، أكثر من مجرد نشاط حزبي اعتيادي، رسالة سياسية واضحة لكل القوى الفاعلة في المشهد الوطني. الانتخابات القادمة في الجنوب لن تكون نسخة من السابق؛ إنها مواجهة مفتوحة، قد يبرز فيها جيل جديد من البرلمانيين، أو تُعاد صياغة ولاءات قديمة، بما يجعل الجنوب مركزًا لصراع محتدم يسبق الزمن الرسمي للاستحقاقات.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة