الساحل بريس
يقولون أن السياسة هي ” فن الممكن ” ولكنني اوافق الرأي بما ذهب اليه النقاد السياسيون : ” أن السياسة لعبة الخداع لا يلعبها إلا المخادعون “!! أو كما يقول ابن خلدون رائد علم الاجتماع العربي، عندما كتب في مقدمته الشهيرة في القرن الرابع عشر الميلادي.. قال فيها :: عندما تنهار الدول يكثر المنجمون والمتسولون والمنافقون والمدّعون.. والكتبة والقوّالون.. والمغنون النشاز والشعراء النظّامون.. والمتصعلكون وضاربو المندل.. وقارعو الطبول والمتفيقهون.. وقارئو الكفّ والطالع والنازل.. والمتسيّسون والمدّاحون والهجّاؤون وعابرو السبيل والانتهازيون.. تتكشف الأقنعة ويختلط ما لا يختلط.. يضيع التقدير ويسوء التدبير.. وتختلط المعاني والكلام.. ويختلط الصدق بالكذب والجهاد بالقتل”!!! وهذا الواقع هو ما ينطبق على السياسة المحلية بالداخلة ..خاصة عندما تنهار معايير الشرف .. وتموت الضمائر وتسود المصالح والهبات والعطايا وتستباح القيم وتنهار الكرامة ..وهنا لا يجوز التعميم ولكن لا يخلو الأمر عندما نقول أن ذلك مع الأسف هو واقع الحال ، خاصة من هم في السلطة من ممثلين و منتخبين وبطبعة الحال لا اعمم !! فسوق النخاسة رائجة هذه الأيام ..
لقد انكشف القناع عن من كنا نعتقد أنهم يوما ما رموزا مدافعةعن تطلعات الشعب ، زد على ذلك ما أضفت عليهم الصفحات الفيسبوكية من هالات التمجيد ، حتى أصبحوا في نظر البعض قدوة لهم في سالف الأيام ..ولكن وفي وقت وجيز انكشف الغطاء وظهر ما كنا نخشى وقوعه .. فواقعة يوم أمس الجمعة اعطت للسياسة عنوانا اخر ، أن عدو الامس هو صديق اليوم وهكذا ..
إن ما حدث في الولاية يوم أمس “أمر لم يعرفه تاريخ المجالس المنتخبة في صيغته المعاصرة، فقد انتشرت المظاهر الضعيفة التي تشمئز منها النفوس، يرافقها سوءٌ في التعامل من قبل ممتهن السياسة ،فالفوز بالمناصب تتبعه الهزيمة أخلاقياً ، وبينت حقيقة الأهداف المنشودة في مخيلته و التي يسعى لتنفيذها، بغية الحفاظ على المصالح الضيقة.
ان واقعة يوم أمس تعطي لنا درسا حقيقيا في أن السياسة لا تعطي لصاحبها حيزا وافرا من الاخلاق ، فبالامس عدو لذوذ واليوم صديق حميم أو إن شأتم اسميتموها مشاداة وتدافع امام انظار وزير التعليم وصلح ومصافحة امام انظار وزيرة السياحة “فما بين غَمضةِ عَين وانتباهتهايُغيّر الله من حالٍ إلى حالِ”