أين حلفاء إيران؟ هل تتجه إيران إلى تغيير بوصلة سياساتها بعد الضربات الأمريكية؟

هيئة التحريرمنذ 5 ساعاتآخر تحديث :
أين حلفاء إيران؟ هل تتجه إيران إلى تغيير بوصلة سياساتها بعد الضربات الأمريكية؟

بقلم: د. أحمد بابا أهل عبيد الله

لا شك، إن في مجال علم السياسة، المصلحة هي المفتاح والجوهر للعلاقات بين الدول. لذلك، المفهوم “الميكيافلي” للسياسة هو الوسائل والتوازنات التي تقاس بها التحالفات داخل المنتظم الدولي أو الحياة السياسية الدولية. وحتى الدول الكبرى، والتي تتمتع بحق الفيتو بمجلس الأمن، تتبع نفس المعيار في التحركات والأزمات الدولية.

من هذا المنطلق، وبهذا المفهوم الميكيافلي، نشير إلى أن إيران، في هذه الظرفية الحساسة والتي تشهد فيها (بلاد فارس) حرب البقاء مع إسرائيل، المدعومة من أكبر قوى في العالم (الولايات المتحدة الأمريكية)، تبدو في الصورة الظاهرة من المنظور العسكري وحيدة في مواجهة المجهول، بعد أن تخلى عنها الحلفاء التقليديون: روسيا الاتحادية والصين الشعبية.

أولًا: أين الحلفاء؟

من خلال محاولة الإجابة على مضمون هذا السؤال، يتضح من الوهلة الأولى، ومن خلال التصريحات المتباينة لكل من روسيا والصين، أن موقفيهما جاءا بخطاب دبلوماسي ضعيف، بعيد كل البعد عن الدخول في الحرب أو مساعدة إيران في مواجهة التهديدات الصادرة عن “إسرائيل” وحليفتها الولايات المتحدة.

ويبدو أن هناك توافقًا غير معلن من الدولتين على الابتعاد عن مواجهة مباشرة مع واشنطن، رغم أن إيران ترتبط مع كل من الصين وروسيا بمعاهدات استراتيجية في مجالات الطاقة، البترول، مشروع طريق الحرير (بالنسبة للصين)، والاتفاقيات الأمنية والعسكرية (بالنسبة لروسيا)، بما فيها التعاون في المجال النووي.

غير أن الحسابات السياسية للدولتين والتوازنات الدولية، خصوصًا في ظل الحرب في أوكرانيا، كانت كفيلة بأن تُبعد موسكو عن أي تدخل حقيقي إلى جانب إيران. أما الصين، فإن عقيدتها العسكرية أصلاً لا تميل إلى الحروب الخارجية، وهي تسعى حاليًا إلى عدم إزعاج البيت الأبيض من أجل توافقات اقتصادية وتكنولوجية مستقبلية.

ثانيًا: هل يتدخل الحلفاء الإيرانيون في الحرب؟

رغم أن الاحتمالات ضئيلة لتدخل روسيا أو الصين بشكل مباشر، إلا أنه إذا حصل تغيير في تقييم هاتين الدولتين للواقع الجديد في الشرق الأوسط، وإذا شعرتا بأن ممراتهما التجارية ومصالحهما الجيوسياسية باتت تحت السيطرة الأمريكية، فقد يعيدان حساباتهما.

حينها يمكن القول إننا أمام حرب عالمية ستغير ليس فقط معالم الشرق الأوسط، بل معالم النظام العالمي ككل، مما سيخفف الضغط على إيران ويفتح لها نفسًا جديدًا في المواجهة. فهل يساندها الحلفاء في هذا السيناريو؟

ثالثًا: هل تغيّر إيران بوصلة سياساتها؟

في اعتقادي، أن إيران ستفهم – ولو متأخرة – أن المصالح والتوافقات الكبرى التي تربط الصين وروسيا بالولايات المتحدة أقوى من تلك التي تربطهما بإيران. فخذلان الحلفاء عسكريًا يدفع إيران إلى إعادة التفكير في سياساتها وتحالفاتها.

وقد تتجه، انطلاقًا من منطق المصلحة السياسية، إلى محاولة خلق توافق مع واشنطن، وربما حتى تحالف جديد شبيه بما كان عليه الوضع في عهد الشاه، إذا اقتضت الضرورة السياسية والبقاء ذلك.

إن الحرب الدائرة الآن في الشرق الأوسط، ليست مجرد صراع حدودي، بل مقدمة لمرحلة من التحولات الجيوسياسية الكبرى وإعادة تشكيل التحالفات والخيارات الاستراتيجية للدول.
وبذلك، نحن أمام شرق أوسط جديد، قد لا يشبه في ملامحه تطلعات شعوب المنطقة ولا أحلامها.
ليبقى السؤال الكبير:
من سيكون عليه الدور لاحقًا؟

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة