إحياء اليوم العالمي لحرية الصحافة تحت عنوان (عصر الاستقطاب الجديد)

هيئة التحرير3 مايو 2022آخر تحديث :
إحياء اليوم العالمي لحرية الصحافة تحت عنوان (عصر الاستقطاب الجديد)

لا شك أن الصحافة ركن من أعظم الاركان التي تشاد عليها دعائم الحضارة والعمران ، هذا ما أكده الزعيم الفرنسي نابليون بونابرت الذي قال أيضاً ” لا تخيفني قنابل المدافع وساحات القتال كما تخيفني عبارة كاتب من الكتّاب”.

ولعل البناء والتغيير، الوظيفتان الأبرز للصحافة داخل الدولة والمجتمع، كما يرى بونابرت، لكن الحرية شرط لازم لكي تستطيع الصحافة أداء مهامها عبر تمكين الجمهور من الحصول على المعلومة والأفكار وفرض رقابة على أداء السلطات، لكن بطبيعة الحال، فإن الصحافة ليس لديها مطلق الحرية في أدائها، وهناك نذكر قولاً للفيلسوف جان بول سارتر، في هذا السياق، حيث قال: “العنصرية ليست وجهة نظر”، ويفضي هذا القول إلى التأكيد على أن هناك مسؤوليات أخلاقية وقانونية ومجتمعية ملقاة على كاهل الصحافة الحرّة، فكما أن الحرية سياجٌ حامٍ للصحافة من الخارج، فإن المسؤولياتِ المذكورة هي المناعة التي تتحلى بها من الداخل لكي لا تنزلق إلى حدود الخفّة والابتذال.

يقول الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش: ” لا تكون أي ديمقراطية مكتملة دون توفر إمكانية الحصول على معلومات شفافة وموثوقة ، إنها حجر الزاوية لبناء مؤسسات عادلة ونزيهة، وإخضاع القيادات للمساءلة، ومواجهة من في يدهم السلطة بالحقائق”.

وحسب المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان فإن “لكل شخص الحق في حرية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحق حرية اعتناق الآراء دون أي تدخل، واستقاء الأنباء والأفكار وتلقيها وإذاعتها بأية وسيلة كانت دون تقيد بالحدود الجغرافية”.

وتؤكد الأمم المتحدة، في أدبياتها على أن وسائل الإعلام المستقلة والحرة والتعددية أساسية للحكم الصالح في الديمقراطيات الصغيرة والكبيرة، وتعمل وسائل الإعلام الحرة على: ضمان الشفافية والمساءلة وسيادة القانون، تعزيز المشاركة في الخطاب العام والسياسي، ووسيلة  لمكافحة الفقر .

 ويستمد القطاع الإعلامي المستقل سلطته من المجتمع الذي يخدمه، وفي المقابل يخول هذا المجتمع أن يكون شريكا كاملا في العملية الديمقراطية.

وتأكيداً منها على الأهمية الحاسمة لدور الإعلام على صعيد الدفع باتجاه تقدم الدول وازدهارها وأيضاً في إرساء دعائم السلام المحلي والدولي، إضافة إلى ترسيخ البعد الإنساني في المعاملات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وتأكيداً منها على كل ذلك، قامت منظمة الأمم المتحدة باختيار الثالث من ماي لإحياء ذكرى اعتماد إعلان “ويندهوك” التاريخي خلال اجتماع للصحفيين الأفريقيين نظّمته اليونسكو وعُقِد في ناميبيا في الثالث من ماي 1991.

وينص الإعلان على أنّه لا يمكن تحقيق حرية الصحافة إلا من خلال ضمان بيئة إعلامية حرّة ومستقلّة وقائمة على التعدّدية، وهذا شرط مسبق لضمان أمن الصحفيين أثناء تأدية مهامهم، ولكفالة التحقيق في الجرائم ضد حرية الصحافة تحقيقا سريعا ودقيقا.

إن إحياء يوم الصحافة، لهذا العام جاء تتويجا للآثار الكارثية لفوضى المعلومات في عام 2022 ، حيث أصبح الفضاء الرقمي معولماً وغير منظم، إلى درجة بات يشكل معها أرضاً خصبة لانتشار المعلومات الكاذبة والدعاية ، ففي المجتمعات الديمقراطية، أدى تطور النموذج الإعلامي وتنامي سُبل التضليل إلى اتساع رقعة الانقسامات، في سياق يطغى عليه استعمال منصات التواصل الاجتماعي ، وعلى الصعيد الدولي، تشهد الديمقراطية تراجعاً ملحوظاً في ظل عدم التناسق بين المجتمعات المنفتحة من جهة، والأنظمة الاستبدادية التي تتحكم في وسائل الإعلام ومنصاتها بينما تشن حروباً دعائية، من جهة أخرى ، وعلى كلا المستويين، يعُتبر هذا الاستقطاب المزدوج عاملاً من عوامل إذكاء التوترات والنعرات .

إن العمل الصحافي لا يزال محفوفاً بالمخاطر في العديد من البلدان وفي هذا الصدد، قال كريستوف ديلوار، الأمين العام لمنظمة مراسلون بلا حدود ، أن “إرساء أسس الترسانات الإعلامية في الدول الاستبدادية يقضي على حق مواطنيها في الوصول إلى المعلومات، ولكنه في الوقت ذاته يُعد نتيجة حتمية لتنامي التوترات على المستوى الدولي، مما قد يؤدي إلى حروب فظيعة ، وعلى الصعيد الداخلي ، يشكل إضفاء طابعٍ “فوكسنيوزي” على وسائل الإعلام خطراً كارثياً على الديمقراطيات ، لأنه يقوض أسس التناغم المدني والنقاش العام المبني على التسامح.

 وأمام هذا الانحراف الجارف نحو الهاوية، بات من المُلح اتخاذ القرارات اللازمة ، من خلال تشجيع اتفاق جديد للنهوض بالصحافة، على غرار ذلك الذي اقترحه منتدى الإعلام والديمقراطية، ومن خلال اعتماد إطار قانوني ملائم، مع الاستعانة بنظام لحماية المساحات الإعلامية الديمقراطية”.

يذكر أن منظمة مراسلون بلا حدود دقت ناقوس الخطر بدول شمال إفريقيا ، مع تراجع الحريات بشكل أساسي ، إذ جاء في تحليلها الخاص لأوضاع الحريات في المنطقة:

 “لم يكن وضع الصحافة في منطقة شمال أفريقيا (باستثناء مصر) مقلقًا إلى هذا الحد أبدًا”. وأشارت إلى أن الحريات الصحافية تدهورت بشكل مقلق في الجزائر (المرتبة 134) وبات سجن الصحافيين أمراً شائعاً ، كذلك الأمر في المغرب (135) حيث يقبع 3 صحافيين في السجن “بتهم ملفقة”، في إشارة إلى
سجن كل من توفيق بوعشرين، وعمر الراضي، وسليمان الريسوني.

في شمال أفريقيا أيضاً ، رأت المنظمة أن الأوضاع أقل إثارة للقلق في موريتانيا (97) حيث أتاح وجود فسحة ديمقراطية بين 2005 و2008 “إلغاء تجريم المخالفات الصحافية وتخفيف حدة الإطار القانوني القمعي” ، أما في تونس، فرغم وجود هامش واسع من الحريات الصحافية منذ اعتماد دستور جديد في عام 2014 “ظهرت مخاوف جدية منذ الانقلاب الذي قام به الرئيس قيس سعيد، في 25 يوليو  2021”.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة