أثار بحث مقدم لنيل الماستر شعبة اللغة العربية، بكلية الآداب والعلوم الإنسانية، جامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، تحت عنوان (الفكر الخرافي في التراث الإسلامي – صحيح البخاري أنموذجا)، رفضا وانتقادات واسعة في صفوف علماء ومفكرين وأساتذة جامعيين.
العالم المقاصدي أحمد الريسوني، وصف البحث بأنه “فضيحة جامعية من نوع آخر، تكشف عن الاختراقات الهدامة التي أخذت تنخر جامعاتنا”.
وأضاف الريسوني، في مقال رأي أن هذا “البحث – على تفاهته – يكشف أشكالا جديدة من الاختراقات الهدامة التي تنخر الجامعة المغربية، وسمعتَها ومكانتها الوطنية والدولية”.
وقال إنه “بحث موجه ضد مقدسات الأمة الإسلامية والشعب المغربي، وضد ثوابت الدولة المغربية، وموجه تحديدا ضد السنة النبوية الصحيحة، مجسدة في أصح مصادرها..”.
وأضاف أن “البحث خارج نهائيا عن تخصص شعبة اللغة العربية وآدابها، ولا صلة له بها”، مشددا على أن الخرافة الحقيقية هي أن يخوض باحث في مجال وتخصص يجهله ويجهل مناهجه وقواعده.
وتابع أن “موضوع البحث له تخصصه العلمي الدقيق، وله أهله العارفون به، أما السطو الإيديولوجي الذي مارسه الباحث وشيخه، فليس من البحث العلمي والتخصص البحثي في شيء، بل أقحم شعبة اللغة العربية فيما لا شأن لها به”.
وأكد أن من الفضائح العلمية والمنهجية لهذا البحث وأصحابه، كونه أصدر حكمه القَبْلي على صحيح البخاري باعتباره له فكرا خرافيا، وذلك منذ عنوانه، مستدركا “لكن بما أن البحث لا شأن له بالعلم ولا بالبحث العلمي، فقد اختار له أصحابه عنوانا دعائيا غوغائيا.. والضحية هي الجامعة وسمعتها”.
من جهته، اعتبر المفكر المغربي محمد يتيم، أن خلفيات هذه البحوث التافهة هي “استهداف الإسلام عقيدة وشريعة وحضارة”.
وتساءل يتيم، في تعليق عبر فايسبوك، هل يظنون أنهم أذكى من مالك بن أنس والشافعي وأحمد وأبو حنيفة والآلاف من علماء المسلمين وفقهائهم في شتى العلوم الإسلامية من القدامى والمحدثين؟؟
وتابع “إنهم يستهدفون في الحقيقة إمارة المؤمنين التي تنظم نهاية كل شهر رمضان ختم البخاري… إنهم يستهدفون الملك الحسن الثاني الذي أمر بتأسيس دار الحديث الحسنية والملك محمد السادس الذي صار على نهجه”.
بدوره، أكد خالد الصمدي الأستاذ الجامعي والوزير السابق، أنه “لولا أن صفحة البحث الذي يصف صحيح البخاري بنموذج للخرافة ويشكك في صحة مضامينه التي تلقتها الأمة بالقبول على مر التاريخ، يحمل شعار مؤسسة علمية جامعية عريقة ومحترمة لما كلف الناس أنفسهم مناقشة الموضوع بهذه الحدة والاهتمام”.
وأضاف الصمدي، في تدوينة عبر فايسبوك، أن “نسبة نتائج هذا البحث الغريبة إلى هذه المؤسسة العريقة هي التي عجلت بطرح الأسئلة وجعلت الرأي العام يترقب الجواب وذلك بغاية رفع التناقض الظاهر بين ما صدر عن المؤسسة الجامعية باسم البحث العلمي من اتهام لصحيح البخاري ومضامينه بالخرافة”.
وأوضح أن نقيض هذا الحكم الذي صدر عن المؤسسة الجامعية السالفة الذكر هو “ما يصدر عن مؤسسة المجلس العلمي الأعلى وهي المؤسسة المختصة في الضبط العلمي للحديث الشريف من خلال منصة علمية رقمية رفيعة المستوى، والتي من أهم مصادرها في التوثيق صحيح البخاري الذي نفت عنه بالدليل والبرهان العلمي انتحال المبطلين وتأويل الجاهلين، وتعتبر أنه أصح كتاب في الحديث بعد كتاب الله تعالى”.
ويرى الصمدي، أن “في الموقفين المختلفين لمؤسستين علميتين مرجعيين في نفس البلاد ومن نفس الكتاب ما لا يخفى من التناقض، والارتياب”.
وخلص إلى أن “الحرص على رفع هذا التناقض بإصدار الجواب اللازم من الجهات المعنية حتى يعرف الخطأ من الصواب لا يوازيه إلا حرصنا على مصداقية المؤسستين الرسميتين، المؤسسة الجامعية والمؤسسة العلمية”، مؤكدا أنه “لا مجال في ذلك لتحريض على أحد ولا استعداء ولا استجداء، كما ذهب الى ذلك بعض من نظر إلى الموضوع من الثقب الضيق”.