الإستثمار في الرأسمال البشري بالداخلة خيار إستراتيجي لتحقيق التنمية المنشودة ؟

هيئة التحرير16 أكتوبر 2022آخر تحديث :
الإستثمار في الرأسمال البشري بالداخلة خيار إستراتيجي لتحقيق التنمية المنشودة ؟

بقلم : أحمدو بنمبا

يعرف برنامج ﺍﻷمم ﺍلمتحدة ﺍﻹنمائي ﺭﺃﺱ ﺍﻟﻤﺎل ﺍﻟﺒﺸﺭﻱ بأنه كل مايزيد من إنتاجية ﺍﻟﻌﻤﺎل ﻭﺍﻟﻤﻭﻅﻔﻴﻥ من خلال ﺍﻟﻤﻬﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻤﻌﺭﻓﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﻘﻨﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ يكتسبونها ﺃﻱ من خلال ﺍﻟﻌام ﻭﺍﻟﺨﺒرات وله دور كبير في عملية الإنتاج أكثر حتى من رأس المالي المادي.

ويعد ﺍﻟﻌﻨﺼﺭ ﺍﻟﺒﺸﺭﻱ من ﺃﻫﻡ ﺍﻟﻌناصر الإنتاجية ﺍﻟﺘﻲ يمكن ﺃﻥ تساهم ﻓﻲ تحقيق ﺍﻟﺘﻨﻤﻴﺔ، ﻟﻜﻥ ﻟﻥ يؤدي ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻌﻨﺼﺭ ﺩﻭﺭﻩ ﺩﻭﻥ تعليم ، حيث يسهم ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻡ ﻓﻲ تراكم ﺭﺃﺱ ﺍﻟﻤﺎل ﺍﻟﺒﺸـﺭﻱ.

ﻭتشير نظريات ﺍﻟﻨﻤﻭ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﺘﻘﺩﻡ ﺍﻟﺘﻘﻨﻲ يزيد من معدل ﺍﻟﻨﻤﻭ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ طويل ﺍلأجل، ﻭيزيد ﺍﻟﺘﻘﺩﻡ ﺍﻟﺘﻘﻨﻲ سرﻋﺔ ﻋﻨﺩﻤﺎ تكون ﻗﻭﺓ ﺍﻟﻌﻤل ﺃﺤﺴﻥ تعليماﹰ، من ﻫﻨﺎ ﻓﺈﻥ تراكم ﺭﺃﺱ ﺍﻟﻤﺎل ﺍﻟﺒﺸﺭﻱ يساهم في التقدم التقني وبالتالي في رفع مستوى التنمية وهو مصدر من مصادرها الأساسية.

ﻭيمكن تقدير ﺃثر ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻡ ﻓﻲ ﺍﻹنتاجية من خلال ﺍﻟﻤﻘﺎﺭنة بين أجور ﺍﻷﺸـﺨﺎﺹ ﺍﻟﻤﺘﻌﻠﻤـﻴﻥ ﻭﻏﻴﺭ ﺍﻟﻤﺘﻌﻠﻤﻴﻥ ﻋﺒﺭ ﺍلزمن ، ﻭيطلق ﻋﻠﻰ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﻘﻴﺎﺱ ﺍﻟﻌﺎئد ﺍﻻجتماعي للإستثمار ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻡ .

كما يؤثر ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻡ بشكل ﻏﻴﺭ مباشر ﻋﻠﻰ ﺍﻹنتاجية من خلال ﺍﻟﺘﺄثير ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﺤﺔ، ﻓﻘﺩ ﺃثبتت ﺍﻟﺩﺭﺍسات ﺃﻥ ﺍﻷمية ﻭﺍﻟﺠﻬل يؤثران تأثيرا كبيرا ﻋﻠﻰ مستويات ﺍﻟﺼﺤﺔ ﺍﻟﻔﺭﺩﻴﺔ ﻭﺍﻟﻌامة ، ﻭبشكل ﻋـﺎﻡ يساهم ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻡ ﻓﻲ تحسين ﺍﻟﻤﻭﺍﺭﺩ ﺍﻟﺒﺸﺭية ﻭتطويرها من خلال ﺭﻓﻊ ﺍﻟﻜﻔﺎﺀﺓ ﻭﺍﻟﻤﻘﺩﺭﺓ ﺍﻟﺫﻫﻨﻴـﺔ ﻭﺴـﻌﺔ
ﺍﻻﺴﺘﻴﻌﺎﺏ ﻭﺭﻓﻊ ﺇنتاجية ﺍﻟﻘﻁﺎﻋﺎﺕ ﺍﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﻟﻼﻗﺘﺼﺎﺩ.

ويعتبر التعليم ومستوى الشهادات والتدريبات المهنية عاملا حاسما في اكتساب رأس المال البشري وبالتأكيد يبقى مستوى التعليم ومؤسسات العمل الإدارية والإنتاج وغيرها ومدى توفرها على المعايير العالمية صمام أمان هام في توفير رأس مال بشري فعال.

وفي نفس السياق ، تعاني جهة الداخلة وادي الذهب من ضعف كبير في مؤشرات رأس المال البشري ، قد ينعكس سلبا على أدائها في مختلف المجالات ويجعلها تحتل مكانا قصيا في مستوىات التنمية مقارنة بالجهات الأخرى .

فضعف الإستثمار في الثروة البشرية يعود إلى عوامل كثيرة ، من أهمها ضعف التعليم وغياب المواءمة بينه وسوق الشغل ولغة الإدارة وضعف الخدمات المتعلقة بالصحة وعدم الاهتمام بالمواهب وتوفير الظروف المناسبة لها ، بل وتهميش كبير لأصحاب الشهادات المختلفة ، إضافة إلى ضعف أداء الوظيفة العمومية ، وفوضى القطاع الخاص وضعف تطبيق قوانين الشغل.

كما أن ضعف الاستثمار في تلك القطاعات مقارنة بتوجهات الجهة وتطور مواردها الاقتصادية واضح للجميع ، حيث ساهمت كل تلك العوامل مجتمعة في تهميش الكفاءات ولجوئها للعمل في قطاعات لا علاقة لهم بها ، كما هاجر البعض منها بحثا عن ظروف عمل وامتيازات أفضل من ما توفره الجهة ، ناهيك عن شلل تام في التكوين وشبه غياب للتكوين خاصة المهني والدراسة النظرية للمواد العلمية.

إن كل هاته الأسباب إجتمعت ، لتشكل حجر عثرة كبيرة أمام التوجهات الإستراتيجية لجهة الداخلة وادي الذهب ، وبات التخلص منها صعب ، إلا بالإستثمار الأمثل في الثروة البشرية ، بدل الإستثمار في القطاعات المنتجة ، فكما يقال ثروات الشعوب في الجماجم وليست في المناجم ، وبالتالي إذا نجحت جهة الداخلة في توفير الوسائل والإمكانيات للإستثمار في الكادر البشري فستكون لها قفزة نوعية في مؤشرات التنمية وتحقيق ما عجزت عنه جهات أخرى وبالتالي تقليص نسب البطالة المنتشرة في الشباب .

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة