بدر شاشا
إذا تمت الخوصصة لقطاع الصحي في المغرب وأصبح قطاع يتكفل بمصاريف الاستشفاء في الخاص سيصبح القطاع الصحي الأقوى في إفريقيا. ولكن الأطباء يريدون أن يبقوا تابعين للوظيفة العمومية، ورغم أن الأطباء العامين يذهبون إلى المصحات الخاصة لإجراء عمليات لناس ويفتحون عيادات خاصة بهم ويستقلون من القطاع العام .في المغرب، يلجأ أغلب المواطنين إلى المصحات الخاصة للحصول على الرعاية الصحية، رغم الجهود المبذولة لتحسين القطاع العمومي. هذا التوجه يعكس واقعاً مركباً يعكس تطلعات الناس في الحصول على خدمات صحية سريعة وفعالة، وهو ما يعتبر صعب المنال في المستشفيات العمومية التي تعاني من مشاكل متراكمة.يرجع البعض سبب تفضيل المصحات الخاصة إلى جودة الخدمات المقدمة مقارنة بالمرافق العمومية. في المصحات الخاصة، يجد المواطن طاقماً طبياً متوفراً، معدات متطورة، وأحياناً عناية شخصية، مما يزرع لديه الثقة والطمأنينة. أما في المستشفيات العمومية، فالوضع مختلف تماماً. اكتظاظ المرضى، نقص الموارد البشرية، قلة التجهيزات، وطول فترات الانتظار تجعل من تجربة العلاج تحدياً يفضل الكثيرون تفاديه إذا كانت لديهم الإمكانيات المادية لذلك.ورغم الإصلاحات التي شهدها القطاع العمومي في السنوات الأخيرة، مثل زيادة الميزانيات المخصصة للصحة وتحسين البنية التحتية في بعض المناطق، إلا أن هذه الجهود لا تزال غير كافية لتغيير الصورة النمطية لدى المواطنين. بعض المستشفيات العمومية أصبحت تعتمد على أنظمة جديدة لتدبير المواعيد، وتم تجهيزها بمعدات طبية حديثة، إلا أن النقائص الهيكلية والاختلالات الإدارية تظل عائقاً كبيراً أمام تحقيق نقلة نوعية.من جهة أخرى، يعتبر البعض أن اختيار المصحات الخاصة ليس دائماً مسألة رفاهية، بل في كثير من الأحيان اضطرار نتيجة غياب بدائل ملائمة. المصحات الخاصة ليست في متناول الجميع، والأسعار المرتفعة تجعل الكثيرين يعانون من ضغوط مالية كبيرة عند الحاجة إلى العلاج. هذا يثير التساؤل حول العدالة الاجتماعية في مجال الصحة، وكيف يمكن للمغرب أن يوازن بين تحسين القطاع العمومي وضبط أسعار الخدمات الصحية في القطاع الخاص.إن تحقيق إصلاح شامل يتطلب إرادة سياسية قوية واستراتيجية متكاملة تشمل تحسين جودة الخدمات الصحية العمومية، زيادة الاستثمار في الموارد البشرية، وضمان توزيع عادل للموارد الصحية عبر كافة المناطق. وفي المقابل، يجب على القطاع الخاص أن يلعب دوره في إطار رؤية منسجمة تضع مصلحة المواطن فوق كل اعتبار، مع تعزيز الشراكة بين القطاعين لتوفير خدمات صحية ميسرة وعادلة للجميع.