التنمية والنخب المحلية ( الحلقة رقم 1 )

هيئة التحرير29 مارس 2022آخر تحديث :
التنمية والنخب المحلية ( الحلقة رقم 1 )

تعد مسألة التنمية من القضايا الاستراتيجية  التي حظيت باهتمام الساسة والباحثين في حقول معرفية مختلفة؛ في مجالات الاقتصاد و الادارة ، علم الاجتماع، …..الخ، هذا إلى جانب جعلها أولوية في برامج وسياسات المنظمات الدولية والاقليمية ، وجدير بالاشارة  إلى أن التنمية أضحت-أكثر من أي وقـــــــت مضى-مطلبا أساسيا لتحقيق و تلبية احتياجات الافراد وتحسين مستوياتهم المعيشية ؛ خاصة إذا تعلق الامر بمن يعانون من الفقر والهشاشة والهامشية الاجتماعية بالمجتمعات المحلية، وهذا ما جعل معظم المجتمعات  والهيئات الدولية والاقليمية توجه جهودها التنموية إلى هذه المجتمعات  بخلق فرص،*1*  استثمار حقيقية تأخذ في الحسبان أهمية التنمية البشرية االجتماعية في المقام الاول ، بمراعاة الخصوصيات الثقافية والامكانات  الاقتصادية المتاحة ، وفق سياسة واستراتيجية تنموية تشاركية بمرافقة مختلف أجهزة ومؤسسات الدولة وإسهام مختلف الفاعلين المحليين   أفراد ومؤسسات وهيئات ومجتمع مدني ، وذلك بغية الاسهام  في التنمية المحلية.*2*

وتعد اشكالية التنمية والنخب المحلية من الاشكاليات المهمة التي تستاثر باهتمام الباحثين في شتى التخصصات المعرفية باعتبار انها في عمقها تعبر عن العلاقة الجدلية بين العلاقة بين التنمية والسياسة واكان العديد من الدراسات حاول ابراز اهمية الفاعل السياسي كفاعل مركزي في تحقيق التنمية المحلية وبالتالي ضمنيا يدخل دور النخبة السياسية كجزء مشكل للفاعل السياسي :فان هاته المقالة تحاول ابراز تبيان العلاقة بين التنمية والنخب السياسية المحلية 

هل النخب السياسية تساهم في تحقيق التنمية 

وسوف احاول ابراز النقط التالية :

النقطة الاولي :قراءة في مفاهيم التنمية والنخب

النقطة الثانية :اي دور للتسيير المحلي في تحقيق التنمية

الجماعات الترابية في المغرب نموذجا  

النقطة الاولي :قراءة في مفاهيم التنمية والنخب

المفهوم  الخاص بالتنمية يعني تحسين الظروف والعوامل الاقتصادية والعوامل الاجتماعية والتي تؤدي إلى تحسين الإدارات الخاصة بإدارة الموارد الطبيعية والبشرية الخاصة بالمناطق او البلاد حيث يؤدي ذلك إلى زيادة وتحسين الثروة وتحسين الحياة الخاصة بالأشخاص، ولكن من الممكن مع مرور قد يحدث بعض التغيرات في بعض الجوانب الخاصة بالتنمية، كما أن التنمية لها العديد من الجوانب التي تعمل على تحقيق مستوى حياة أفضل لجميع الأشخاص من الناحية الاقتصادية والناحية الاجتماعية من أجل تحقيق حماية أفضل للبيئة من خلال ترابط واتحاد جوانب التنمية مع بعضها البعض.

حيث أن التنمية هي أحد العناصر الهامة لتحقيق التطور الاقتصادي و الاجتماعي في جميع بلاد العالم ولذلك تقوم التنمية بتقديم العديد من الفوائد ولذلك يساعد جميع البلاد في تحسين المستوى المعيشي داخل البلاد لجميع سكانها من أجل القضاء على الفقر والجوع ومستوى الأمية بالإضافة إلى توفير أماكن للمأوى وتوفير فرص عمل للجميع وذلك يعمل على الحفاظ على البيئة

 التنميةالبشرية :

التنمية البشرية هي توسيع خيارات الإنسان الاقتصادية والاجتماعية وذلك عن طريق تجمع بين مؤشر التعلم المتمثل في القراءة والكتابة ومؤشر العمر المتوقع عند الميلاد ومؤشر الدخل  ، وقد تم تعريف  التنمية البشرية عام 1990 ما يلي:*3*

هي توسيع الخيارات المتاحة أمام الناس ليعيشوا حياة مديدة ملؤها الصحة ويكتسبوا المعرفة ويعيشوا حياة كريمة.

مما سبق نخلص إلى أن أطروحة التنمية البشرية تعتبر الناس هم  ثروتها المجتمعية  وتركز على خيارات الناس لكن هاته الخيارات ليست شائعة ومتعددة. منها ما هو اقتصادي  كمؤشر الدخل  ونصيب الفرد من الناتج   القومي الإجمالي ، ومنها ما هو اجتماعي متعلق بالصحة  ومجالاتها لمتعددة والتعلم ومؤشراته المختلفة  ;ومنها  اكتساب المعرفة  وتقانات  البحث  والتطوير والمعلومات.

مما سبق نستنتج أنه بعد التطور الذي شهدته التنمية في العالم ظهرت الحاجة إلى بناء مؤشرات تنموية عديدة تمكن من توفير مقياس مباشر لنتائج الجهود الإنمائية المبذولة لمكافحة الفقر  والمحققة  لإشباع مختلف عناصر الحاجات الأساسية (المادية والاجتماعية و المعنوية) ثم جاءت الحاجة لبناء مؤشر مركب( واحد) يتضمن داخله كافة  المؤشرات المتصلة بمدى إتساع  تلك الحاجات.*4* وذلك  بهدف  المقارنة والتقييم  ومن ثم التطوير كل هذا ساهم  في  ظهور دليل  التنمية البشرية يتضمن المؤشرات التي ذكرناها سابقا حيث  يعتمد هذا الدليل عل مؤشرات  متباينة عدة ،مستوى مؤشرات التنمية البشرية هل هي  مرتفعة جدا أم  مرتفعة أم متوسطة  أم منخفضة.

– أنواع تقارير  التنمية البشرية

  التقرير العالمي  للتنمية البشرية  و هو  تقرير يتناول بالشرح واقع  التنمية البشرية بالعالم ويتيح إمكانية المقارنة العالمية  ويشمل أغلب بلدان الالم ومواضــــيع هاته التقارير التي  ظهر  أولى تقريــــــــــر سنة 1990 هي كالتالي: من 1990 إلى سنة  2020.

< p style="text-align: justify; ">• عام 1990: مفهوم وقياس التنمية البشرية

عام 1991: تمويل التنمية البشرية

عام 1992: الأبعاد العالمية للتنمية البشرية

عام 1993: مشاركة الشعب

عام 1994: أبعاد جديدة للأمن الإنساني

عام 1995: النوع الاجتماعي والتنمية البشرية

عام 1996: النمو الاقتصادي والتنمية البشرية

عام 1997 التنمية البشرية للقضاء على الفقر

عام 1998الاستهلاك للتنمية البشرية

عام 1999 العولمة ذات الوجه الإنساني

عام 2000 حقوق الإنسان والتنمية البشرية

عام 2001 جعل التقنيات الحديثة تعمل من أجل التنمية البشرية

عام 2002 تعميق الديمقراطية في عالم مجزأ

عام 2003 الأهداف الإنمائية للألفية: اتفاق بين الأمم لإنهاء الفقر البشري

عام 2004 الحرية الثقافية في عالم اليوم المتنوع

عام 2005 التعاون الدولي على مفترق طرق: المعونة والتجارة والأمن في عالم غير متكافئ

عام 2006 ما وراء الندرة: القوة والفقر وأزمة المياه العالمية*5*

عام 2007/2008 مكافحة تغير المناخ: التضامن الإنساني في عالم منقسم

عام 2009 التغلب على العوائق: حراك الإنسان وتنميته

عام 2010 الثروة الحقيقية للأمم: سبل التنمية البشرية

عام 2011 الاستدامة والإنصاف: مستقبل أفضل للجميع

عام 2013 صعود الجنوب: التقدم البشري في عالم متنوع

عام 2014 الحفاظ على التقدم البشري: الحد من نقاط الضعف وبناء المرونة

عام 2015 العمل من أجل التنمية البشرية

عام 2016: التنمية البشرية الطريق إلى الأمام مخصصة من البشر

عام 2018 – التحديث الإحصائي

عام 2019– ما وراء الدخل والمتوسط والحاضر : أوجه عدم المساواة في القرن الحادي والعشرين

عام 2020– التنمية البشرية والانتروبوسين

والنوع الثاني يعرف  بالتقارير الإقليمية و نأخذ على سبيل المثال تقارير التنمية الانسانية في العالم العربي وقد صدر أول تقرير  للتنمية الإنسانية  في العالم العربي  سنة 2002  للتنمية  الإنسانية في العالم العربي وتقرير 2003 حول المعرفة في العالم العربي*7*

وتقرير 2004 حول الحرية والحكم  الصالح في العالم العربي وتقرير 2005 حول تمكين النوع في العالم العربي وتقرير سنة 2009 حول تحديات أمن الانسان في البلدان العربية وتقرير سنة  2016 حول الشباب وافاق التنمية / واقع متغير.

وبالرغم من أن سياق سياق التنمية الإنسانية سياقا واسعا يتضمن  المؤشرات السياسية بالإضافة إلى المؤشرات الاجتماعية والاقتصادية  حيث أن  هاته التقارير عالجت هاته المؤشرات وربطتها  بالوضع العربي وأعطت لنا عبر هاته المؤشرات القياسية  نتائج هذا الوضع، وبالرغم من أن  خطابات هاته التقارير تدخل في مجال الفكر النقدي  لبرنامج الأمم المتحدة للإنماء الاقتصادي والاجتماعي ، وبالرغم من أنها خطابات غير بريئة ،  فإنها (صفحة 8)  فإنها على الأقل  خلقت نقاشات حادة  في أحيان كثيرة،  كذلك بالرغم من  حوافزها  السياسية   فإنها  بمثابة علم اجتماعي ناقد  كما أكد رئيس الفريق الرئاسي  لتقرير سنة 2002 .الدكتور نادر الفرجاني  كما أنها تحمل في طياتها  ثقافة أكاديمية عبر استخدامها لمناهج ومؤشرات إجرائية  مهمة ومعاصرة. حيث نجد مثلا  في التقرير الأول  تم الاستعانة بالعديد من المنظمات  كمنظمة freeddeem house    (بيت الحرية )وهي منظمة  غير حكومية أمريكية استطاعت أن  تعطي لنا مؤشرات قياسية يمكن بواسطتها تحديد  الدول الحرة  والدول الشبه الحرة والدول التي تنعدم فيها  الحرية  ومؤسسة kaufman (كوفمان) التي درست ما يقارب 177  نظاما سياسيا عبر  مؤشر المساءلة والتمثيل ، وتم تصنيف هاته  النظم السياسية .

وإذا  كانت هاته التقارير  قد حققت تراكما  أكاديميا  بالنسبة للبحث العلمي في المنطقة العربية فإن  مسألة الالتزام الضمني  والصريح  أي الحس   النقدي  لدى الباحث الأكاديمي، يجب أن يكون حاضرا حيث أنه  يجب مقارنة هاته الأرقام بواقعنا وطرح السؤال  وتقديم   القوة الاقتراحية التي تبقى أنجع  الحلول لخلق فضاء  عمومي للحوار والتفكير  الايجابي من أجل حل مشاكل جميع قضايانا  السياسة و الاقتصادية والاجتماعية  والثقافية .*8*

تعريف التنمية المحلية:

انتشر استخدام مصطلح التنمية بعد الحرب ع.2 بين الاقتصاديين والاجتماعيين الذين قسموا دول العالم من حيث بنياتها الاقتصادية وما وصل إليه التطور، من حيث مستوى الحياة الاجتماعية والمعيشية إلى دول متخلفة وأخرى نامية ومتقدمة، ودول تحت التنمية أو في سبيلها إلى التقدم.

أما على المستوى اللغوي، ورد في لسان العرب، نمى، النماء، الزيادة، نما، ينمو، نموا، زاد وكثر ونميت الشيء أي رفعته عليه، وكل شيء رفعته فقد نميته، ولهذا قيل نمى الخضاب في اليد والشعر، إنما ارتفع وزاد وهو ينمو، وكل ارتفاع انتماء ونميت النار تنمية إذا ألقيت عليها عطبا. وذكيتها به، ونميت النار، رفعتها وأشبعت وقودها، والنماء الربح وقال بن فارس:” نمى بالنون والميم والحرف المعتل أصل واحد يدل على إرتفاع وزيادة،ذن في الأصل اللغوي تعني الكلمة الزيادة والكثرة والارتفاع والربح والأذكاء والإشباع، أما التنمية فتوحي بمعنى فاعلي إرادي بعكس.”نمو” الذي تم زيادته تلقائيا بعض النظر عن أي جهد خارجي مساعد في عملية الزيادة والرفعة والربح والإشباع، أما على المستوى الاصطلاحي فوردت عدة تعريفات للتنمية:

تعريف هيئة الأمم المتحدة: إن التنمية هي النمو مع التغيير والتغيير اجتماعي وثقافي واقتصادي وهو تغيير كمي وكيفي، ولم يعد من الضروري أن نتكلم عن تنمية اقتصادية وتنمية اجتماعية لأن التنمية بوصفها متمايزة عن النمو، يجب أن تشمل ناحيتين معا بشكل تلقائي فالمشكلة في رأي الأمم المتحدة ليست النمو الاقتصادي، والزيادة المادية فحسب بل يجب أن يتبع ذلك نمو خلقي ومعنوي ونهني، أي نمو اجتماعي.

الأنتروبولوجي: “هيرل جاكسون” فقدم فيها بأن التحقيق المتزايد لقيم المجتمع وثقافته الخاصة وقد تبعه في رأيه هذا جلال أحمد أمين معتبرا أن التقدم ليس هو الزيادة في الناتج القومي، والنمو مع إعادة التوزيع*9*

ومما تقدم نجد أن التنمية مفهوم ليس ثابتا ومتفق عليه بين المختصين فكل يتناوله من زاوية، وينظر إليه انطلاقا من الإيديولوجية الحاكمة لفكره واختصاصه فساد بالتالي الفصل بين ما هو اجتماعي واقتصادي، إلا أن هذا التقييم ظهر بطلانه وفساده استنادا إلى عدم إمكانية الفصل بين الجانب المادي والمعنوي للإنسان، وبين مختلف الأنشطة اليائية للإجتماع البشري، إذ أن أي تغيير يمكن أن يتم في ناحية من نواحي الحياة لابد وأن تكون له إنعكاسات وتأثيراته على باقي مرافق الحياة.

إعداد :عبد الواحد بلقصري   

باحث  بكلية العلوم الانسانية والاجتماعية بجامعة ابن طفيل 

 

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة