أحمد ولد الطلبة
في كل من “شارع تيرس” وشارع المسجد بالجانب المحاذي لحائط الثانوية التأهيلية محمد السادس وبمارشي المسيرة ومحلات هنا وهناك ، حيث أضحت شوارع مدينة الداخلة مكانا لائقا لمزاولي المهن الحرة ، الذين جاؤوا من بلدان إفريقية جنوب الصحراء ، يعرضون أنواع متعددة من منتوجاتهم ، ويكترون محلات لمزاولة أنشطتهم ، كبيع مواد للطهي وبعض الصناعات اليدوية التقليدية ، بالإضافة إلى الخياطة والحلاقة وتحضير أطباق السمك والأرز او ما تعرف ب “تيبودن” ، فلا يترددون هؤلاء الأفارقة من تحويل أنشاطتهم التجارية غير المنظمة إلى مهن منظمة.
لقد اختار العديد من مواطني بلدان إفريقية مختلفة، كالسنغال، ونيجيريا، ومالي، والكونغو، والكاميرون، وكوت ديفوار، والذين آثروا الاستقرار في مدينة الداخلة ، بدل المراهنة على فرضية العبور إلى أوروبا، للانخراط في شتى الأنشطة التجارية، سعيا لتأمين عمل لائق يضمن لهم سبل عيش كريم وأفضل.
ونظرا لنقص الموارد المالية، فضل هؤلاء المهاجرون أن يصبحوا مهنيين في شتى المجالات وباعة متجولين يعرضون منتجات محلية ، من قبيل الكريمات لمعالجة الأكزيما والمفاصل، علاوة على أنواع من الصابون ومنحوتات ولوحات فنية ، ومواد للطهي .
وفي الوقت نفسه ، ينخرط البعض منهم في أنشطة مختلفة مثل تصليح الأحذية ، وبيع الهواتف ، والمجوهرات والاكسسوارات ، والنظارات والساعات ، هذا ويقومون بعرض منتجاتهم هذه في جميع أنحاء شوارع المدينة و بالمقاهي ، محمولة على ظهورهم ، أو في عربات صغيرة ظعدة لذلك يتم ركنها بجنبات الطرق والأماكن العامة ، باختصار ، لقد أصبحت هذه الأنشطة التجارية والمهن الحرة الصغيرة تجسد نموذجا صريحا لتجارة إفريقية تحاول تأمين حضورها في السوق المحلي للداخلة .
في سياق متصل ، تطرح العديد من التحديات والإكراهات على عاتق غرفة التجارة والصناعة والخدمات بجهة الداخلة ، هذه التحديات أو المشاكل بشكل أصح ، تواجه نمو قطاع التجارة الإفريقية بالداخلة ، حيث تتمثل هذه المشاكل ، على الخصوص في عدم وجود هياكل للمواكبة ، وآليات التكفل ، وغياب إطار ملائم لمزاولة نشاطهم بشكل سليم ، وغياب سوق محلي يخصهم هم لعرض منتوجاتهم ، على أمل أن يتمكن مزاولي التجارة من الأفارقة جنوب الصحراء من المساهمة في اقتصاد المدينة .
إن إبراز معالم حضور هذه الجالية الإفريقية في سوق العمل المحلي بالداخلة، يساعد على رسم معالم مجتمع حضري آخذ في التوسع، ومتميز بظهور “فضاءات إفريقية” مثل المطاعم وصالونات الحلاقة وأوراش الخياطة الإفريقية وقيصريات أو أسواق تجارية تخصهم .
ووعيا من الجهات المعنية لاسيما غرفة التجارة والخدمات ، الإنفتاح على البلدان الإفريقية وتواجد العديد من السفارات الإفريقية بجهة الداخلة ، فقد بات من الواجب ان تشتغل غرفة التجارة والخدمات على إستراتيجية لمعالجة مشكل الإدماج السوسيو مهني للمهاجرين من دول إفريقيا جنوب الصحراء بكل شجاعة ومسؤولية وإنسانية عبر تبني مخطط واضح المعالم يكون هدفه الإرتقاء بالأفارقة المقيمين بالداخلة والمساهمين بشكل مباشر في الإقتصاد المحلي لمدينة الداخلة ، وأن تتوخى القيام بهذه العملية الإستثنائية والسباقة لحلحلة مشاكل هذه الفئة النشيطة من الأفارقة المقيمين حتى ينخرطو كلا أو بعضا في الدفع بعجلة الإقتصاد المحلي للمدينة .