الدبلوماسية الجهوية بجهة الداخلة – وادي الذهب: نحو انخراط فاعل في العلاقات الدولية اللامركزية

هيئة التحريرمنذ 5 ساعاتآخر تحديث :
الدبلوماسية الجهوية بجهة الداخلة – وادي الذهب: نحو انخراط فاعل في العلاقات الدولية اللامركزية

عرف مفهوم السيادة تطورًا ملحوظًا في العقود الأخيرة، وأصبحت الجهات الفاعلة غير الحكومية، بما فيها الجهات الترابية، تلعب أدوارًا متزايدة في المشهد الدولي. في هذا السياق، برزت “الدبلوماسية الجهوية” كآلية لتعزيز التعاون الدولي اللامركزي، من خلال الشراكات بين الجهات والمدن، بعيدًا عن القنوات الرسمية للدولة.

تُعد جهة الداخلة – وادي الذهب نموذجًا متميزًا لهذا التوجه، بفضل موقعها الجغرافي الاستراتيجي، وانخراطها في دينامية التنمية المستدامة، ما يجعل من تجربتها موضوعًا جديرًا بالتحليل الأكاديمي.

1. الإطار المفاهيمي للدبلوماسية الجهوية

تُعرف الدبلوماسية الجهوية بأنها ممارسة تقوم بها الجهات أو الكيانات الترابية في علاقاتها الخارجية، من خلال توقيع اتفاقيات تعاون، تنظيم منتديات دولية، والترويج لمصالحها الاقتصادية والثقافية، وذلك في تناغم مع السياسة الخارجية الرسمية للدولة.

2. الدينامية الدبلوماسية لجهة الداخلة – وادي الذهب

أ. المعطى الجغرافي والاستراتيجي

تقع جهة الداخلة – وادي الذهب في أقصى جنوب المغرب، وتشكل بوابة طبيعية نحو دول إفريقيا جنوب الصحراء. هذا الموقع يمنحها مكانة استراتيجية لتعزيز التبادل جنوب – جنوب، وخاصة في إطار الرؤية الملكية المغربية المنفتحة على إفريقيا.

ب. حضور فاعل في المنتديات الدولية

تميزت الداخلة بتنظيم واستضافة عدد من التظاهرات الدولية البارزة، على سبيل المثال:

منتدى كرانس مونتانا ، الذي جذب شخصيات سياسية واقتصادية من عشرات الدول ، المؤتمر الدولي للاستثمار ورهانات التنمية ، منتدى الاستثمار المغربي الإسباني ،منتدى الاستثمار “المغرب – الولايات المتحدة الأمريكية ..

ج. الحضور القنصلي

من أبرز مؤشرات الحضور الدبلوماسي بالداخلة افتتاح قنصليات عامة لعدد من الدول الإفريقية ، وهذا يعكس اعترافًا دوليًا متناميًا بمكانة الجهة ودورها في السياسة الخارجية المغربية.

3. رهانات وأهداف الدبلوماسية الجهوية بالداخلة

أ. تعزيز الاستثمار والتنمية

تهدف الدبلوماسية الجهوية إلى استقطاب استثمارات خارجية في مجالات حيوية، مثل:

الطاقات المتجددة (الرياح والشمس).

الاقتصاد الأزرق (الصيد البحري وتحلية المياه).

السياحة الإيكولوجية والبيئية.

ب. الترويج للثقافة والهوية المحلية

تلعب الجهة دورًا في تعزيز صورة المغرب الثقافية عبر المكون الحساني الصحراوي، ما يساهم في تقوية الروابط الثقافية مع بلدان إفريقية ذات امتداد ثقافي مشابه.

ج. دعم قضية الوحدة الترابية

تشكل الدبلوماسية الجهوية أداة لتعزيز الموقف المغربي من قضية الصحراء، من خلال إشراك الشركاء الأجانب في مشاريع تنموية ملموسة داخل الأقاليم الجنوبية.

4. التحديات والآفاق

في مقابل النجاحات الملحوظة، تواجه الدبلوماسية الجهوية بالداخلة عدة تحديات، من بينها:

ضرورة تكوين المنتخبين وممثلي المجالس المنتخبة دبلوماسيا ، كذاك الحاجة الماسة إلى إلمام المنتخبين بالقانون المنظم للعلاقات الدولية ، خاصة وأن لديهم دورًا متزايدًا في التعاون الدولي وتبادل الخبرات مع الجماعات المحلية في الدول الأخرى. هذا الإلمام يمكنهم من المشاركة الفعالة في هذه العلاقات وتجنب المشاكل القانونية المحتملة.

ورغم ذلك، فإن الآفاق تظل واعدة، خاصة مع تزايد دعم الدولة لهذا النوع من الدبلوماسية، وتنامي الوعي لدى المجالس الجهوية بدورها المحوري في السياسة الخارجية اللامركزية.

تُعد تجربة جهة الداخلة – وادي الذهب في مجال الدبلوماسية الجهوية نموذجًا ناجحًا في تعزيز انخراط الجهات الترابية في العلاقات الدولية. إنها تجربة قائمة على رؤية استراتيجية تجمع بين التنمية المحلية والانفتاح الدولي، ما يجعل منها فاعلًا أساسيًا في المشروع التنموي والدبلوماسي المغربي الجديد .

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة