احتفالا بالذكرى 67 لعيد الاستقلال المجيد ، نظمت بالامس ، بالداخلة ، النيابة الجهوية للمندوبية السامية لقدماء المقاومين واعضاء جيش التحرير بتنسيق وتعاون مع المديرية الجهوية والصناعة وجمعية الوحدة الترابية للتنمية البشرية والأعمال الاجتماعية بجهة الداخلة وادي الذهب ؛ ندوة علمية حول موضوع :
” 67 من الاستقلال ، محطات تاريخية وتنموية بالمغرب ” ؛ تنسيق وتسيير الاستاذة سلم تيروز النائبة الجهوية للمندوبية السامية لقدماء المقاومين واعضاء جيش التحرير بالداخلة ؛ بمشاركة الاساتذة :
– الاستاذ الباحث الحسين اوزدر القيم على فضاء الذاكرة للمقاومة والتحرير بالداخلة. -بوشعيب قيري المدير المدير الجهوي للصناعة والتجارة بجهة الداخلة وادي الذهب ؛ الحسن لحويدك رئيس جمعية الوحدة الترابية للتنمية البشرية والاعمال الاجتماعية بجهة الداخلة وادي الذهب .
وقد شكلت الندوة فرصة للوقوف عند محطات تاريخية و تنموية ببلادنا تخليدا لهذه الذكرى المجيدة ، حيث ركزت في محاورها على الطفرة التنموية النوعية من خلال المشاريع الانمائية والمكتسبات الدبلوماسية لصالح الوحدة الترابية في عهد جلالة الملك محمد السادس .
وختمت فعاليات التظاهرة الوطنية الثقافية بحفل تقديم و توقيع النسخة الثالثة من كتاب ” ذاكرة هوية و وطن: مذكرات من الداخلة” ؛ لمؤلفه الاستاذ/الكاتب الحسن لحويدك ؛ الذي تفضل بتقديمه وإعطاء قراءة مفصلة حول مضامينه ، الأستاذ احمد العهدي الإعلامي والإطار التربوي ؛ وذلك بقاعة الندوات لفضاء الذاكرة الذاكرة التاريخية للمقاومة والتحرير بالداخلة .
وفي هذا السياق ، شارك الأستاذ الحسن لحويدك بالمداخلة التالية ، تحت عنوان
” الذكرى 67 لعيد الاستقلال : استحضار تاريخي في سياق المنجزات التنموية والمكاسب الدبلوماسية المحققة في ملف الوحدة الترابية ” .
بسم الله الرحمان الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين.
السيدة النائبة الجهوية للمندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير بجهة الداخلة وادي الذهب.
السيد المدير الجهوي لوزارة الصناعة والتجارة والاقتصاد الأخضر والرقمي بجهة الداخلة وادي الذهب.
السادة الأساتذة الأجلاء.
أخواتي إخواني الفعاليات الجمعوية والثقافية والإعلامية.
أيها الحضور الكريم.
يطيب لي بداية أن أتقدم بجزيل الشكر والامتنان للنيابة الجهوية للمندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، في شخص الاستاذة النائبة الجهوية سلم تيروز على تفضلها بتنظيم هذا الندوة العلمية بتنسيق وتعاون مع المديرية الجهوية لوزارة الصناعة والتجارة والاقتصاد الأخضر والرقمي وجمعية الوحدة الترابية للتنمية البشرية و الأعمال الاجتماعية بجهة الداخلة وادي الذهب .
ويأتي تنظيم هذا اللقاء المبارك في إطار تخليد الذكرى 67 لعيد الاستقلال المجيد ، هذا الحدث العظيم الذي يؤرخ لمرحلة مفصلية وحاسمة في تاريخ الكفاح الوطني والنضال المستميث الذي خاضه أبطال وشهداء الوطن والتحرير بقيادة المغفور له جلالة الملك محمد الخامس طيب الله روحه ، ليعتبر مسار هذا الكفاح بالجهاد الأصغر لكسب رهان الجهاد الاكبر ، وهو ما جسده باني المغرب الحديث جلالة الملك الحسن الثاني رحمه الله مبدع المسيرة الخضراء ومحرر الصحراء .
ويتواصل المشوار مع جلالة الملك محمد السادس حفظه الله على نفس النهج بتحصين الوحدة الترابية والوطنية وبتحقيق العديد من المكتسبات على كافة المستويات والتي ساأتي على ذكر عدد من اوراشها .
وفي هذا السياق تندرج مداخلتي المعنونة ب :
” الذكرى 67 لعيد الاستقلال : استحضار تاريخي على ضوء المنجزات التنموية والمكاسب الدبلوماسية المحققة في ملف الوحدة الترابية ” .
أيها الحضور الكريم :
المناسبة شرط تقتضي استحضار هذه الذكرى الغالية التي يخلد الشعب المغربي قاطبة ذكراها 67، من طنجة إلى الكويرة، بكل مظاهر الافتخار والاعتزاز، التي جسدت التلاحم المتين بين العرش العلوي والشعب في ملحمة النضال الوطني من أجل نيل الحرية والاستقلال .
لذلك ، تعد منعطفا تاريخيا طبع مسار المملكة المغربية والذاكرة الوطنية ، رسخت في نفوس المغاربة دلالات ودروس عميقة تؤرخ لبطولات عظيمة وتضحيات جسام دفاعا عن الثوابت الدينية والوطنية .
إن هذه الذكرى تعود بنا إلى اللحظات التاريخية للكفاح الوطني، الذي بفضله تحققت مكتسبات الحاضر واستشراف تحديات المستقبل باستخلاص عبرها من مختلف المحطات .
على المستوى التنموي فإن بلادنا تعرف طفرات تنموية متواصلة على الصعيد الوطني ككل . ولعل الأوراش الكبرى المهيكلة كميناء طنجة الأطلسي أحد تجلياتها، إلى جانب من المشاريع الضخمة الأخرى ، كالطريق السريع الذي يربط شمال المغرب بجنوبه واستحداث القطار الفائق السرعة الوحيد في إفريقيا الذي يربط بين طنجة و الدار البيضاء ، وكذا محطتي الطاقة الشمسية نور 1 وطاقة الرياح في المنطقة الساحلية التي تهدف لتصدير الطاقة إلى أوروبا ، بالإضافة إلى ورش صناعة السيارات ، وغيرها من المنجزات التنموية التي لا يمكن حصرها ، ولكن كما تقول الحكمة العربية ما لا يدرك كله لا يترك جله .
و هذا ما يدفعنا إلى الرجوع لأحد أهم المنعطفات التاريخية والفارقة في تاريخ الأقاليم الجنوبية ، وهي ذكرى إسترجاع الصحراء المغربية سنة 1975 بالنسبة للعيون الساقية الحمراء ؛ وإقليم وادي الذهب عام 14 غشت 1979.
فمنذ ذلك الحين ، و هذه الأقاليم تعيش تسريعا تنمويا و اقتصاديا و اجتماعيا ،وفي صلب هذه الديناميية العناية بجودة عيش الساكنة المحلية ،تجسد من خلال النموذج التنموي الخاص بالأقاليم الجنوبية الذي أعطى إنطلاقته الفعلية جلالة الملك محمد السادس من العيون بمناسبة الذكرى 40 للمسيرة الخضراء سنة 2015 ، والداخلة 2016، و الطموح الكبير حينها جعل الصحراء المغربية قطبا استثماريا على المستويين الوطني و القاري يربط المغرب بعمقه الإفريقي ، وهو ما تم تحقيقه حاليا على أرض الواقع ؛ وبالفعل إستطاع النموذج التنموي للأقاليم الجنوبية تحقيق الأهداف المرجوة منه والتي تعيشها المنطقة الآن ، حيث يركز هذا النموذج على تحفيز الإستثمار الخاص و دعم المقاولات و المشاريع الخاصة بالتنمية البشرية ، علاوة على تثمين الموارد الطبيعية و الحفاظ على التراث اللامادي و في طليعته الثقافة الحسانية .
مشاريع كبرى ومهيكلة :
– الطريق السريع تيزنيت الداخلة على طول 1055 كيلومتر .
– البرنامج الصناعي فوسبوكراع بالعيون و كذا ميناء الداخلة الأطلسي .
-ربط الأقاليم الجنوبية بالشبكة الكهربائية الوطنية .
أما فيما يتعلق بقضية النزاع المفتعل حول مغربية الصحراء الذي طال أمده بسبب عراقيل وتماطل النظام الجزائري في التمادي لمعاكسة الوحدة الترابية المشروعة للمغرب ، فبالرغم من كل هذه الإستفزازات ، فقد إستطاعت الدبلوماسية الملكية الحكيمة كسب المزيد من الإنتصارات المتتالية لصالح عدالة المغرب بأحقيته التاريخية و القانونية في أقاليمه الجنوبية .
وفي هذا السياق ، تندرج أبرز المكتسبات الدبلوماسية من خلال تزايد الإعتراف الدولي بمغربية الصحراء ، والإشادة بالمقترح المغربي للحكم الذاتي تحت سيادته الذي عرف تأييدا واسعا نظرا لجديته و واقعيته و مصداقيته .
تعززت هذه المكاسب ، باعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بمغربية الصحراء و بأحقية المغرب على كافة ترابه بالأقاليم الجنوبية للمملكة، ودعمها و وتثمينها لمبادرة الحكم الذاتي كحل سلمي وعقلاني لهذا الخلاف الإقليمي الذي عمر أكثر من اللازم .
نفس الموقف تبنته إسبانيا بإعتبارها كدولة مستعمرة سابقة و على دراية بجميع التفاصيل الدقيقة للملف .
إلى جانب إشادة ألمانيا بإعتبارها إحدى الدول الاقتصادية العظمى بمقترح الحكم الذاتي كتسوية نهائية لهذا النزاع الإقليمي المصطنع ،الشيء الذي ألقى بظلاله على القرار الأخير لمجلس الأمن الدولي بتمديد ولاية بعثة المينورسو إلى غاية نهاية شهر أكتوبر من السنة القادمة ،حيث صوت على هذا القرار 13 عضوا من اصل 15 و امتناع عضويين ، مؤكدا سمو مبادرة الحكم الذاتي كحل سياسي وحيد لهذا النزاع المفتعل .
و في مقابل ذالك فقد تقلص عدد الدول بشكل كبير المعترفة بالكيان الانفصالي الوهمي .
وكان الموقف الحاسم بإفتتاح عدد من الدول الشقيقة و الصديقة للمغرب بإقامة قنصليات لها في كل من العيون و الداخلة بمثابة ضربة قاضية لأعداء الوحدة الترابية .
وفي ذالك بطبيعة الحال ، رسائل دالة على إعتراف هذه الدول بمغربية الصحراء فضلا عن تأييدها لمقترح الحكم الذاتي الجاد .
و خلاصة القول أن المغرب يوازي في سياسته الخارجية بين الترافع عن مغربية الصحراء بفضل الاجماع الوطني قمة وقاعدة ، وتحقيق رهانات التنمية الشاملة لمواطنيه عامة ، وأقاليمه الجنوبية خاصة .
شكرا على حسن إستماعكم و اصغائكم والسلام عليكم ورحمة الله تعالى و بركاته .