لم يكن الإعلان الأخير لشركة OLAH Palace Trading عن اكتشاف رواسب ذهبية مهمة في منطقة كلميم جنوب المغرب مجرد خبر اقتصادي عابر. فالأمر يتجاوز كونه مشروعاً تعدينياً إلى كونه حلقة جديدة في معركة أشمل: معركة الثروات الطبيعية في زمن يتزاوج فيه رأس المال العالمي مع الجغرافيا السياسية.
فبحسب موقع African Mining Market، أظهرت الأبحاث الاستكشافية الأولية للشركة وجود عروق غنية من الذهب ضمن تكوينات كوارتز حرارية مائية عالية الجودة. وقد حدد الفريق الميداني، بقيادة بكر خديرة، 34 عرقاً تمتد باتجاه شمال غربي–جنوب شرقي، يصل عمق بعضها إلى أكثر من 100 متر، بعروض سطحية تتراوح بين 40 سنتيمتراً و1.5 متر. والنتائج كانت مذهلة: نسب تركيز الذهب تراوحت بين 6 و300 غراماً في الطن الواحد، وهو رقم يضع المشروع في خانة الاكتشافات العالمية ذات الجدوى العالية.
لكن ما يرفع من قيمة هذه النتائج ليس الجانب الجيولوجي فحسب، بل أيضاً الموقع الاستراتيجي. فالمشروع يقع فوق صخور نهر درعة التاريخي، النظام النهري الذي طالما ارتبط بالذهب، والذي امتد عبر مساراته من الجزائر إلى موريتانيا. هنا، يمتزج التاريخ بالجغرافيا، ليمنح المشروع بعداً إقليمياً لا يمكن تجاهله.
المسألة إذن ليست مجرد اكتشاف معدني، بل هي انعكاس لتسارع السباق العالمي على عقود الامتيازات المعدنية، حيث تتقاطع الشركات العابرة للقارات مع مصالح الدول، ويغدو الذهب — الذي كان رمزاً للثروة والسلطة منذ آلاف السنين — مرة أخرى جزءاً من لعبة الأمم.
واليوم، يفتح هذا الاكتشاف نافذة أمل على مستقبل يمكن أن يجعل من كلميم قطباً جديداً للتنمية والاستثمار، ويمنح المغرب ورقة قوة إضافية في معادلة اقتصاده الوطني ومكانته الإقليمية.