الصحة في الإنعاش

هيئة التحرير24 أغسطس 2020آخر تحديث :
الصحة في الإنعاش

الوباء عرى أعطاب التدبير والحكامة وقلة الموارد المادية والخصاص في العاملين

كشفت جائحة كورونا ما تبقى من اختلالات منظومة صحية تشكو الهزال، وتعاني
سوء الحكامة والتدبير وقلة الموارد البشرية وغياب الرؤية الواضحة، وظلت
وفية لشعار “الصحة بيد الله”.
ويمكن القول إن ما تشهده المستشفيات العمومية وباقي المؤسسات الصحية
والجامعية المنخرطة في مسارات كوفيد19، من فوضى عارمة وارتجال واكتظاظ، ليس
سوى حصاد لما زرعناه منذ عقود، وهو ما ظل عدد من المتتبعين ينبهون إليه،
قبل أن تذهب صيحاتهم أدراج الريح.
وفشلت الحكومات المتعاقبة في إقناع المواطنين بعرضها الصحي، رغم التحسن
النسبي الذي طرأ على بعض الخدمات الاستشفائية وارتفاع نسبة الولوج إلى
العلاجات والأدوية، بسبب تدابير تعميم التغطية الصحية وانخفاض في أسعار بعض
الأدوية.
ويواجه القطاع الصحي، الذي يعتبر ثاني أهم قطاع بعد التعليم، صعوبات بنيوية
تتعلق بتدني الإنفاق الحكومي على الرعاية الصحية، إذ لم تتجاوز نفقات
الدولة من الميزانية العامة لصالح القطاع الصحي 5 في المائة في المتوسط من
ميزانية 2018، أي ما يقارب 18 مليار درهم خصصت 60 في المائة منها للتسيير
و40 في المائة للتجهيز.
وظلت مساهمة الدولة في التكاليف الإجمالية للصحة، في حدود 27 في المائة
فقط، كما لم يتجاوز مجموع الإنفاق الحكومي على الصحة 2 في المائة من الناتج
الداخلي الخام.
أما النفقات الصحية لكل مواطن فهي تقارب أقل من 230 دولارا للفرد في المغرب
(مقابل 500 في تونس و400 دولار في الجزائر)، بينما توصي منظمة الصحة
العالمية بأن لا يقل الإنفاق على الصحة 12 في المائة من الميزانية.
العامل الثاني الذي يهوي بالصحة إلى قاع سحيق، يتعلق بقلة الموارد البشرية
من أطباء وممرضين وتقنيين وإداريين، إذ يتفاقم الخصاص ليصل إلى أرقام مخيفة
في عدد من المراكز والمصالح والتخصصات أغلقت نهائيا، بعد أن فشلت الوزارة
في تعويض المغادرين والمتقاعدين والمتوفين. كما تفتقر هذه المستشفيات إلى
التجهيزات والأدوية والموارد البشرية الطبية والطبية الموازية وإلى نظـام
فعـال يحقـق جـودة الخدمـات المقدمـة للمرضـى ورعايتهم ويضمـن سلامة
إجراءات الرعايـة الصحيـة بأقسام الجراحة و يمنـع وقـوع الأخطاء الطبيـة
ومكافحـة العـدوى، فضلا عما يسمى بالمستعجلات التي تجد بها جرحى ممددين على
الأرض والممرات في حالة يرثى لها، ويتكلف مرافقوهم وبشراء كافة احتياجاتهم
الطبية والجراحية وأدوية من خارج المستشفى، رغم وجود قانون يلزم جميع
المستعجلات الطبية والجراحية بضرورة توفير كل المستلزمات الضرورية لإنقاذ
حياة المرضى وإسعافهم، أو التخفيف من آلامهم، وتقديمها مجانا في حينه دون
شروط وأداء.
وتركز الحكومة على توسيع التغطية الصحية الشاملة لكل الفئات بغية بلوغ نسبة
90 في المائة في أفق 2021، وهو هدف يبدو بعيد المنال في ظل الصعوبات التي
تعترض تنفيذ الأشطر الأولى من هذا البرنامج الحكومي، وعدم تمكن عدد من
المستفيدين من بطائق “راميد” من الولوج إلى العلاج بشكل منتظم.
وتؤكد وزارة الصحة، أيضا، على الحاجة إلى التنفيذ التدريجي للتغطية الصحية
الخاصة بفئات المهنيين والعمال المستقلين، وفق الفئة المهنية، قبل العمل من
أجل تنسيق ومعيرة مختلف الأنظمة مع اعتماد آليات تمويل متسقة ومترابطة.
وحسب الوزارة، فإن تعميم نظام المساعدة الطبية (راميد) ، مكن من توسيع نطاق
الاستفادة من التغطية الصحية إلى أزيد من 60 في المائة من سكان المغرب،
لكنها توصي بضرورة حشد جهود كافة القوى الوطنية، حول النظام الصحي، من أجل
المساهمة بشكل إيجابي في تكريس حق المواطنين في الرفاه والصحة، وفقا
للمبادئ التي يتضمنها الدستور وكذا الالتزامات الدولية في ما يتعلق بأهداف
التنمية المستدامة.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة