الطريق نحو استحقاقات 2026: المغرب يرسم ملامح مشهد انتخابي جديد

هيئة التحرير19 أغسطس 2025آخر تحديث :
الطريق نحو استحقاقات 2026: المغرب يرسم ملامح مشهد انتخابي جديد

يدخل المغرب مرحلة حاسمة في مساره الديمقراطي مع بدء العد التنازلي للانتخابات التشريعية المقررة سنة 2026. فبعد الخطاب الملكي الأخير بمناسبة عيد العرش، بات واضحاً أن المملكة عازمة على تنظيم هذه الاستحقاقات في موعدها الدستوري، مع التشديد على ضرورة الانتهاء من صياغة الإطار القانوني المؤطر للعملية الانتخابية قبل متم سنة 2025، بما يوفر مناخاً مستقراً ومساحة كافية لبناء التوافقات السياسية.

وفي هذا الاتجاه، شرعت وزارة الداخلية في سلسلة مشاورات مع قيادات الأحزاب السياسية، داعية إياها إلى تقديم مقترحاتها بشأن النظام الانتخابي والتقطيع الترابي وتمويل الحملات الانتخابية، وذلك قبل نهاية غشت الجاري. الهدف من هذه الدينامية هو التمهيد لمشروع قانون انتخابي متوافق عليه يُعرض على البرلمان خلال الدورة الخريفية المقبلة، بما يضمن الشفافية ويحفّز المشاركة الواسعة.

لكن النقاش لم يقتصر على الفاعلين السياسيين فقط، إذ دخلت الجامعة بدورها على خط الحوار. فقد دعا عدد من الأساتذة والباحثين إلى إعادة النظر في بعض المقتضيات القانونية التي وُصفت بـ”الإقصائية”. ومن أبرز هذه المواقف ما عبّر عنه الدكتور رضوان اعميمي، أستاذ القانون الإداري بجامعة محمد الخامس، الذي يرى أن حرمان فئات مهنية معيّنة – مثل غير المدنيين – من حق التصويت، يتنافى مع مبادئ المواطنة والمساواة التي يكفلها الدستور. وأكد أن الحياد الوظيفي لا يعني بالضرورة إقصاء هذه الفئات من الممارسة الانتخابية، مستشهداً بتجارب دولية كفرنسا وألمانيا، حيث يحق لهم الإدلاء بأصواتهم.

ويرى المتتبعون أن توسيع قاعدة المشاركة الشعبية سيُسهم في عقلنة الحقل السياسي وتقليص الاختلالات، ما يجعل استحقاقات 2026 فرصة لإرساء قواعد أكثر صلابة في مسار الديمقراطية المغربية.

أمام هذه الحركية السياسية والتشريعية، يلوح في الأفق أكثر من سيناريو لمستقبل العملية الانتخابية. فنجاح المشاورات الحالية قد يفضي إلى توافقات واسعة تعيد الثقة للمواطن وتعزز نسب المشاركة، ما يمنح البرلمان المقبل شرعية أقوى وقدرة أكبر على إنتاج سياسات عمومية متوازنة. في المقابل، يظل هاجس التباين بين الأحزاب حول نمط الاقتراع أو التقطيع الترابي قائماً، وهو ما قد يُدخل العملية في سجالات سياسية تُربك مسار الإصلاح.

وبين هذا وذاك، يبقى الرهان الأكبر هو قدرة الفاعلين على جعل انتخابات 2026 محطة نوعية لترسيخ البناء الديمقراطي، لا مجرد تمرين شكلي لتجديد النخب. فالمسؤولية اليوم لا تقع فقط على عاتق الدولة ومؤسساتها، بل تشمل أيضاً الأحزاب والمجتمع المدني والناخبين، الذين يشكلون حجر الزاوية في كل مشروع ديمقراطي طموح.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة