لم تكن مباراة المنتخب الوطني المغربي أمام نظيره النيجري، برسم التصفيات المؤهلة لكأس العالم 2026، مجرد مواجهة كروية تنتهي بصافرة حكم، بل كانت مساحة أخرى يتجدد فيها معنى الانتماء ويُستعاد فيها الحلم الجماعي الذي يتخطى حدود المستطيل الأخضر.
في مدرجات مركب الأمير مولاي عبد الله، برز حضور رئيس العصبة الجهوية لكرة القدم بالداخلة وادي الذهب، أعلي أحمد زين، وأمين مالها الشيخ أحمد بنان، إلى جانب باقي أعضاء العصبة. كان حضورهم يتجاوز رمزية التشجيع إلى عمق الانخراط في المشروع الوطني الكبير، الذي يجعل من كرة القدم أكثر من مجرد لعبة، بل هوية مشتركة ولغة موحّدة تربط الأطراف بالأقاليم والمركز بالهامش.
لقد بدا المشهد وكأنه تأكيد على أن المغرب، في مسيرته نحو المونديال، لا يقوده فقط لاعبو المنتخب داخل الملعب، بل تسنده أيضاً طاقات جهوية ومؤسسات محلية تُدرك أن الرياضة اليوم هي أحد أوجه السيادة الناعمة والرهان على المستقبل.
إن حضور العصبة الجهوية من الداخلة لم يكن بروتوكولياً، بل إعلاناً عن انصهار الجنوب في الملحمة الوطنية، وإشارة قوية إلى أن الجهة، التي تطل على الأطلسي كامتداد استراتيجي للمغرب، حاضرة أيضاً في قلب المعركة الكروية التي يخوضها الأسود من أجل تثبيت موقعهم بين كبار العالم.
وفي اتصال هاتفي مع جريدة الساحل بريس، أكد الشيخ أحمد بنان أن أجواء المباراة داخل الملعب كانت استثنائية بكل المقاييس، حيث امتزجت الحماسة الوطنية بروح الانتصار، مضيفاً أن الحضور الجماهيري الكثيف والهتافات المتواصلة شكلا لوحة وحدوية جسدت الانصهار بين مختلف جهات المملكة خلف المنتخب الوطني.
وكانت الجماهير المغربية حاضرة بقوة، تهتف وتغني وتلوّح بالعلم الوطني في لوحة جماعية صنعتها القلوب قبل الأيادي، لتؤكد أن المغرب كله، من طنجة إلى الكويرة، يقف خلف الأسود. كان صوت الجمهور يعلو كأمواج الأطلسي، يشدّ اللاعبين ويمنحهم طاقة تتجاوز حدود الملعب، في مشهدٍ يختزل وحدة وطنية قلّ نظيرها.